السبت، تموز ١١، ٢٠٠٩

الإتجاه المعاكس : حول يهودية إسرائيل بين خضر عواركة ودانييل بايبس













هل هناك فاشية أقبح من هذه الفاشية، يتساءل ضيفنا؟ لماذا حلالٌ على إسرائيل أن تتشدق بتوراتيّتها، بينما تتم شيطنة أيّ دولةٍ عربية ترفع شعاراً إسلامياً؟ كيف تؤيّد أميركا وأوروبا كياناً يقوم على العنصرية الدينية في مطلع القرن الحادي والعشرين؟ لماذا يدين العالم العنصرية في كل مكان، لكنه يسمح لإسرائيل وحدها بممارسة العنصرية؟ لماذا تقوم دول العالم على أساس المواطنة، بينما تريد إسرائيل أن تكون دولة اليهود دون غيرهم؟ أليس من حقِّ حماس أن تنادي بدولةٍ فلسطينيةٍ إسلامية بهذه الحالة؟ أليس حريّاً بالفلسطينيين أن يذكّروا العالم بأن فلسطين عربية منذ آلاف السنين وأن المطلوب الاعتراف بعروبة فلسطين لا بيهودية إسرائيل؟ أليست المطالبة الإسرائيلية بالاعتراف بيهودية الدولة العبرية جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية المسيحية الصهيونية التي تحكم قبضتها على أميركا؟ لكن في المقابل، ألم ينصّ قرار التقسيم على قيام دولتين في فلسطين واحدة عربية والأخرى يهودية بحتة؟ لماذا يرفض العرب والفلسطينيون ما قبلوه قبل أكثر من خمسين عاماً؟ ألا يقوم العديد من الدول أصلاً على أساس قومي وديني؟ ألا تعلن الكثير من الدول العربية عن نفسها بأنها جمهورياتٌ أو ممالك إسلامية؟ أوليست إسرائيل أصلاً دولة علمانيةً ديمقراطية لا دينية، فلماذا الخوف إذاً من تبنيها الهوية اليهودية؟ أليس حريّاً بالعرب والمسلمين أن يفرحوا بالمطلب الإسرائيلي الداعي إلى الاعتراف بيهودية الدولة العبرية؟ أليس بمقدورهم الآن أن يصوِّروا الصراع في فلسطين على أنه فعلاً صراعٌ إسلاميٌّ يهودي، يشارك في المسلمون جميعاً؟






أسئلةٌ أطرحها على الهواء مباشرةً عبر الأقمار الصناعية على خضر عواركه، مؤلف كتاب الصهيونية المسيحية من الداخل، أميركا والرقص على إيقاع الخرافة. وعلى مدير نادي الشرق الأوسط في واشنطن المؤرّخ السيد دانيال بايبس. نبدأ النقاش بعد الفاصل.
[فاصل إعلاني]
خطورة الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية
فيصل القاسم: أهلاً بكم مرةً أخرى مشاهدينا الكرام، نحن معكم على الهواء مباشرةً في برنامج الاتجاه المعاكس، ولو بدأت مع خضر عواركه. خضر عواركه، يعني لماذا كل هذه الضجة في الإعلام العربي وفي الدوائر السياسية العربية حول رغبة إسرائيل في أن يعترف بها العرب والعالم دولةً يهودية؟
"المطالبة بالاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية له أهداف غاية في الذكاء، فهذا المطلب يعني إسقاط حق العودة عن أربعة ملايين لاجئ فلسطيني، ويعني عدم الاعتراف بقرار الأمم المتحدة رقم 194 وهو قانون حق عودة اللاجئين الفلسطينيين "خضر عواركهخضر عواركه: قبل الضجة، اللي نحكي عنها بالعالم العربي، هي ضجّة محقة، لأنه لأول مرة في التاريخ يطلب نظام أو دولة عضو في الأمم المتحدة، أن يُعترف فيها بصفتها، يعني كأن يأتي الاتحاد السوفياتي ويطلب من الولايات المتحدة الأميركية في مفاوضات نزع التسلح، أن تعترف به دولةً شيوعية. بس الرواية في الجانب الإسرائيلي تهدف إلى عدة أهداف فيها من الذكاء الكثير الكثير، أولاً الاعتراف بيهودية الدولة، مطالبتهم بهذا الشيء في هذا الوقت، هو إسقاط لحق العودة لأربعة ملايين لاجئ فلسطيني، أنت تطلب مني أن اعترف بك كدولة يهودية، بينما أنت مدين لأربعة ملايين إنسان هجّرتهم، قتلتهم، دمّرت بيوتهم وعليك دفع الدين الآن وغداً وفي المستقبل، فأنت باعترافك كفلسطيني أو عربي، بإسقاط حقّ العودة، عبر اعترافك بيهودية الدولة، تكون كمَن تقول للأمم المتحدة أنا أرفض قراراتك، 181 للعام 1946 وهو قرار تقسيم فلسطين، والقرار 194 قانون حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وتتخلى عن كل حقوقك، حقوق الشعب الفلسطيني في العودة وفي تقرير المصير وفي الدولة الفلسطينية المستقلة، إذا أردنا أن نأخذ الأمر بهذا الاعتبار، هذه واحدة من الأهداف. الهدف الثاني من الطرح الإسرائيلي، هو إرسال كتاب مسجل إلى الصهيونية المسيحية العالمية، اليهود هم 15 مليوناً في العالم، الصهاينة المسيحين هم بحدود 300 مليون إلى 600مليون، لا أحد يعرف بالضبط ما هو عددهم، هؤلاء اليهود مثلاً، ليسوا كلهم يدعمون حقّ إسرائيل في الوجود، ليسوا كلهم يؤمنون بأن إسرائيل هي دولتهم، بينما الصهاينة المسيحيين، كلهم عن بكرة أبيهم، يدعمون إسرائيل. الصهيونية المسيحية، يجب أن يفهم القارئ العربي والمشاهد العربي، ولو بالقليل القليل وبسرعة، ما هو أهدافه وماذا يريد، هم خطر على العرب، هم خطر على اليهود أنفسهم، هم خطر على الولايات المتحدة الأميركية التي يشكلون من خلال مراكز نفوذهم في الولايات المتحدة، القوة الأكبر سياسياً، عبر استفادة المحافظين الجدد من نفوذهم، وشعبياً لأنهم كتلة موحدة، خاصة بعد 2006، بعد أن توحّدوا بجميع منظماتهم وكان اسمهم تحت اسم مسيحيّون متحدون من أجل إسرائيل بقيادة جون هاجي، هؤلاء عقيدتهم بدأ العمل لها والعمل لإقامة إسرائيل كشرط لعودة المسيح المخلّص منذ ما قبل قيام المنظمة الصهيونية العالمية والوكالة اليهودية، ومنذ ما قبل مؤتمر بازل في عام 1897، هؤلاء بدؤوا في العام 1791 ثم امتدّوا عبر الداربي خلال 1830، ثم امتدوا عبر مودي وجماعة مؤتمرات نياغارا في 1897، وقرروا، عندهم مقررات عقائدية تقول بأن خدمة إسرائيل هي خدمة الرب، وإرجاع اليهود إلى وطنهم الأصلي برأيهم هو تسهيل أو إشارة نهائية لعودة الرب، وقيام الحروب، كشرط، ما حول إسرائيل، التي يقولون عنها بأنها وطن اليهود، قيام الحروب ما حولها وانتشار الدم والدمار في كل العالم هي إشارات حسنة من الرب، ولا سلام إلاّ بعودة الرب ليحكم ألف سنة، هؤلاء يؤمنون بالقدرية، هذه الفئة تحكم الآن من خلف الستار القرار الإسرائيلي، لأنه لم يعد لإسرائيل الآن، للكيان الإرهابي المسمّى إسرائيل، للكيان البربري المسمّى إسرائيل، قاتل الاطفال، لم يعد لهم في العالم، بعد أن تبين أن في أوروبا... لم يعد هناك من مُساند لهم في العالم إلاّ مجموعة من المتطرفين، هؤلاء هم ذخرهم، الآن في أوروبا جميع استطلاعات الرأي تقول بأن إسرائيل هي خطر على العالم، 14 بالمائة فقط من الخبراء في الشرق الأوسط، وفي الولايات المتحدة، يقولون أن إسرائيل هي تعمل لمصلحة أميركا، أو العلاقة بين إسرئيل والولايات المتحدة الأميركية هي لمصلحة الأمن القومي الأميركي، سقطت أهمية إسرائيل الاستراتيجية، بعد فشلها في حرب تموز وسحق مقاتلي حزب الله لإرهابيي الجيش المعتدي الإسرائيلي، بعد كل هذه الأمور لم يعد هناك في العالم من، في المستقبل طبعاً نحن نتكلم عن المستقبل هكذا يفكر الإسرائيليون، يفكرون لمائة عام إلى الأمام، هؤلاء عرفوا بأن بداية سقوطهم..
فيصل القاسم: طيب، طيب، بس، بس..
خضر عواركه(متابعاً): اسمح لي بس أكمل الفكرة..
فيصل القاسم: تفضل.
خضر عواركه: بداية سقوطهم بدأت شعبياً، وهم يرسلون رسالة إلى جماعة الصهاينة المسيحيين بأننا دولة اليهود المنتظرة، فلا تتخلوا عنّا، هذه واحدة من الرسائل، إضافة إلى رسالة تقول بأن إسقاط حقّ العودة بشكل نهائي، وأنا أحذّر القادة العرب وأرجوهم أن لا يتنازلوا قيد أنملة في هذا الموضوع. وبالنسبة للولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، عارٌ على الدول المتقدمة وعارٌ على الأمم المتحدة، التي تنص المادة الأولى في الفصل الأول في الفقرة الأولى من ميثاقها التي وقّعت عليه الدولة البربرية إسرائيل، يقول بأن كل دولة تفرق بين شعبها باللون أو بالدين أو بالعرق، تُطرد من الأمم المتحدة، ويجب أن يطردوا إسرائيل التي قالوا عنها أنها كيان عنصري عام 1974.
فيصل القاسم: طيب لكن السؤال المطروح يعني ماذا يضير العرب إذا.. يعني العرب يتهافتون على الاعتراف بإسرائيل، ماذا يضيرهم لو اتخذت أيّ هوية تريدها، أين المشكلة؟
خضر عواركه: فلتتّخذ أي هوية تريدها في آلاسكا، بإمكانهم.. هم بأجمعهم يحملون جنسيات أخرى، وهم الآن الهجرة عندهم قائمة وقاعدة، كما يقولون، ونحن نعرف عندما تبدأ الهجرة في شعب معيّن بأن لديه مشكلة وجودية. إسرائيل شاحاك في كتابه (ثلاثة آلاف عام من وطأة التاريخ الإسرائيلي) يقول بأن الكيان الإسرائيلي يعاني، منذ ما قبل حرب تموز وما بعد حرب تموز تطوّر هذا الأمر، يعاني من مشكلة وجودية، لديهم عقدة الخوف من المستقبل لأنهم يعرفون أنفسهم أنهم غاصبون. هناك أيضاً تفسير فلسفي آخر أو نفسي آخر يقول، بأن الحقد والعنصرية تأكل نفسها. الآن ماذا يضيرنا نحن؟ لدينا دَين عليهم اسمه ستين عاماً من الحروب والقتل والتدمير، لدينا أربعة ملايين عربي أرضه مسلوبة، حتى الرئيس الفلسطيني أبو مازن، أهله وأجداده في صفد، هل يقبل بأن يتخلى عن صفد؟ هل يقبل على الأقل.. نحن لا نريد أن نسحب هذه المجموعة الإسرائيلية ونرمي بها في البحر، كما كان العرب يحبون أن يقولوا ظلماً وعدواناً، نحن نريد دولة واحدة ذات شعبين، فليعد المهجّرون من الفلسطينيين والمهجّرون من الجانب الذي هجّره اليهود وهجّرته المنظمة الصهيونية من مصر والمغرب بالتخويف، ومن اليمن بالقتل ومن العراق بالتفجيرات، الذين هجّروهم، فليعود كل إنسان إلى منزله ولتصبح دولة ديموقراطية. نحن في القرن الواحد والعشرين تريدنا أن نعود إلى العصور الحجرية، إلى عصر التوراة حينما كان يقول لهم في سفر يوشع، ادخلوا أريحا واقتلوا كل ذي نفس، من امرأة ورجل وطفل لأنه غير يهودي، تريدنا أن نعود حيث يقول التوراة بها، والتلمود والهالاخا اللي هي تفسير للتلمود، تقول بأن غير اليهودي لحمه كلحم الحمار. يقول إسرائيل شاحاك أيضاً، الإسرائيلي اليهودي الراحل الكاتب والفيلسوف، يقول بأنه شهد مرة في العام 1965 ونشرتها معاريف وهاآريتس، شهد بأن رجل دين يهودي نهار السبت رفض أن يمكّنه من استعمال الهاتف لكن ينقذ فلسطينياً مريضاً، كان يريد الاتصال بالـ Ambulance، بسيارة الإسعاف، لم يسمح له. تريدنا أن نعود إلى حيث اليهودي الذي هو فقط الذي يولد من أم يهودية. الدولة اليهودية مفهوم، حتى في الدين اليهودي، مفهوم مختلف عليه، الهَسَكْلَه وهي مجموعة التنوير أو..
فيصل القاسم: طيب، نبقى معك، يعني نعتذر من المشاهدين، ما زلنا بانتظار أن يسمعنا السيد دانيال بايبس في واشنطن، لكن هناك مشكلة في الصوت، نبقى معك خضر عواركه، تفضل.
دور الصهيونية المسيحية في قيام إسرائيل
خضر عواركه: كما كنت أقول أن التنوير، حركة التنوير اليهودية، ما قبل الصهيونية في القرن التاسع عشر كانت تطالب بأن يكون اليهود هم جزء من كل أمة يعيشون بها، ثم أتت الحركة الصهيونية مستفيدةً من الدعم الصهيوني المسيحي، لأن الصهاينة المسيحيين لهم الأسبقية في النفوذ والمال، حتى العسكر، في قيام الدولة اليهودية. سوف أروي، لكن بشكل مختصر، التاريخ الصهيوني المسيحي لنفهم الآن خطرهم على العرب وعلى العالم وعلى الولايات المتحدة الأميركية. أولاً في العام 1809، يعني قبل قيام الحركة الصهيونية بتقريباً 80 أو 90 عام، كان هناك شخص اسمه لويس ماي، وهو أول من قال بأن الدولة اليهودية هي مصلحة بريطانية، ومن قبله في العام 1791 قال نابليون بونابرت في نداء وجهه من مصر إلى جميع اليهود في العالم وإلى قادتهم وخاصة الاقتصاديين منهم، بأن عليهم الرحيل والهجرة إلى فلسطين، والسبب كان سبباً اقتصادياً استعمارياً، يريد أن يضع هناك مجموعة موالية للغرب، لكي يتخلص من اليهود في الغرب، الذين كانوا مكروهين، ولكي يضع حاجزاً بشرياً بين المسلمين والمسلمين، يقطع مصر عن بلاد الشام. ثم بعد هذه المرحلة أتى جون داربي، جون نلسون داربي هو أنجليكاني خرج من كنيسته الأم وأسس شيئ اسمه البرذر، مجموعة البرذر، وهؤلاء أسسوا ديناً خاصاً بهم يدّعي المسيحية، لأنهم نسفوا جميع المفاهيم المسيحية عبر قولهم بأن المؤمن يُخلّص ليس بالصليب وليس بموت المسيح على الصليب وإنما، وهو هذا أساس المسيحية أن الموت على الصليب خلّص البشرية من الذنوب، هم يقولون لا، حتى اليهودي الذي لا يؤمن بالصليب، بصلب المسيح، فقط اليهودي، هو له طريق خاص من الخلاص هو مُخَلَّص، حتى العاهرة في.. إذا كانت يهودية، حتى ولو لم تكن متدينة، حتى العلماني اليهودي، مجرد أنه ولد من إبراهيم فهو يدخل إلى الجنة، هذا مفهومه، ومفهومه الآخر بأن كل ما يفعله الشعب اليهودي هو خير، كل ما يفعله الشعب الإسرائيلي برأيه هو يسميه إسرائيلي هو خير، هذا حمل هذه الأفكار..
فيصل القاسم(مقاطعاً): بس، بس، يا سيد عواركه، يا سيد عوراكه، يعني نعتذر مرة أخرى للمشاهدين بانتظار أن يسمعنا السيد بايبس ونتحدث معه. لكن سيد عواركه أنت تقدم هذه الدولة على أنها تعيش خرافات وأساطير دينية وكل ذلك، وأن ذلك يشكّل خطراً كبيراً على العرب وعلى سكان المنطقة، ولكن السؤال المطروح، يعني الكثيرون يقولون أن إسرائيل أصلاً لا علاقة لها بكل هذه الأساطير وبكل هذه الخرافات الآن، خاصةً وأنها دولة علمانية بحتة، لا دينية، يعني وهناك الكثير من الأمثلة عبر التاريخ، يعني هرتزل مثلاً كان يأكل لحم الخنزير ويهزأ من كل الأديان وكل ذلك يعني؟
خضر عواركه: استغلال الدين هو سمة الصهاينة لتحقيق مآرب استعمارية، هم عصابة إرهابية لا علاقة لهم باليهودية ولا علاقة لهم بالدين، والآن طرح الموضوع من باب الدولة اليهودية، طرحه هو من باب ذر الرماد في العيون، كما قلت لك للصهاينة المسيحيين. هناك فيلسوف اسمه شتراوس، ليو شتراوس، وهو الذي وضع نظرية سياسية، حقيقةً فلسفة سياسية، توفي في العام 1973 وهو يهودي إسرائيلي متأثر بالنازيّة، عفواً هو يهودي ألماني متأثر بالنازيّة، عندما أتى ووضع هذه الصيغة، تماماً ينفذها جورج بوش وهو ما نفذته الحركة الصهيونية منذ هرتزل وحتى الآن، هو يقول بأن استغلال الدين هو واجب علينا لكي، نحن النخبة التي لها الحق، النخبة الديموقراطية برأيه، النخبة فقط وليس الشعب، التي يجب أن تقود الشعب الجاهل وتستخدمه من خلال الدين، لأن الدين يعشعش في وجدان الناس، ليس بإمكانك أن تحرك الرأي العام إلاّ بالدين، برأيه، ولذلك فهو يقول علينا استخدام الكذب النبيل، الكذب النبيل تماماً مثل ما حصل في موضوع العراق، مثل ما حصل في الأساطير المؤسِسة للصهيونية، والأساطير المؤسِسة لدولة إسرائيل، استخدموا هذا الموضوع لكي يجلبوا اليهود المضطهدين في ذلك الوقت في أوروبا، إلى المنطقة ليؤسسوا دولة استعمارية ليس لها أي مدلول ديني بالفعل إلاّ أنها دولة استعمارية تستغل الدين. الآن الواقع الذي أقوله لك هو واقع حقيقي 100 بالمائة، وأزيد وأقول لك بأنه ليس فقط إسرائيل من تعيش على الأساطير، وفيها جزء كبير متدين، أيضاً في الولايات المتحدة الأميركية، هناك بحدود العشرون في المائة أو الخمس وعشرون في المائة من شعبها، يعيش على الأساطير والخرافات والنبوءات، الكتاب الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة عام 1971 وحتى تاريخ اليوم، اسمه The Late Great Planet Earth لهال ليندسي وهو صهيوني مسيحي، يحدد فيه متى انتهاء الحرب ومتى بدء الحرب ومتى انتهاء العالم وكيف سيعود المسيح ومن سيقاتل من، وكيف سيستخدمون القنابل الذريّة التكتيكية ضد جيوش، سمّاها في وقتها في أول سلسلة، بالجيوش الروسية ومعها المسلمين، ومن ثم أعادها في العام 1989 وقال بأنهم إيرانيين ومعهم العرب، وهو يطوّر هذا المفهوم، هناك العشرات والآلاف غيره من المفكرين الذين يعيشون على النبوءات في العصر الواحد والعشرين، ومنهم جورج بوش الذي قال بأنه، أنا مهمتي بأن أدعم دولة إسرائيل، ونتذكر بأن هناك هارولد روبنسون على التلفزيون، قال أنا كلّمني الله وقال لي بأن أدعم جورج بوش. هناك خرافة، اليوم مثقّفون، علماء، أعضاء في الحكومة الصهيونية، عندما يتحدثون، يتحدثون من التوراة، يتحدثون من التلمود، بأن المسيح قادم قريباً وسوف نذهب بالغيم، هناك عشرات الملايين من الأمريكيين ينامون ويصحون ويأكلون ويعيشون حياتهم الاجتماعية كاملةً، والعملية كاملةً على أمل بأنهم في أي لحظة سيسافرون بالغيم مع المسيح الذي سيأخذهم، قبل حلول السبع سنوات العجاف التي سيحل فيها حكم الشيطان على الأرض، هم أصلاً يعتبرون أنفسهم فئة معزولة عن العالم وأن عليهم أن يبقوا معزولين عن العالم، لأن العالم يحكمه إبليس. الآن لدينا فئتان، فئة تعتبر اليهود هم فقط الأخيار وفئة تعتبر فقط أنهم هم واليهود فقط الأخيار والباقي أبالسة، هؤلاء منهم من يقود الغواصات النووية، واحد منه اسمه ديفيد كورش، قال أنا انتظر الرب ليأت إن لم يأت فسوف أذهب إليه، فذهب هو وكنيسته وأعدادهم بالمئات، وهذا أمر معروف وأمر نُشر، وغيرهم الكثير. هناك أيضاً من يقود مثله وهم معتوهون دينياً، وتفكيرهم فقط منحصر بقراءة الكتاب المقدس وتفسيره حرفياً بالطريقة الخيالية، والطريقة الخرافية، هؤلاء..
فيصل القاسم (مقاطعاً): طيب، طيب.
خضر عواركه(متابعاً): اسمح لي فقط، هؤلاء آخرهم كتب وهو جون هاجي، وهو كتابه كان عام 2004- 2005- 2006، الكتاب الأكثر رواجاً في الولايات المتحدة الأميركية ، The Countdown of Iran العد العكسي لضرب إيران بالقنبلة النووية وهو يحدّث أتباعه، وهم بالملايين، كيف ستُضرب إيران بالقنبلة النووية، قبل أن تضرب إيران إسرائيل، هم لا يحلمون بشيء، يسافرون إلى الأراضي المقدسة، يجلسون ليس في كنيسة المهد ولا في بيت لحم، يقفون على تلّة تعلو وادي هارمجيدون، ويكحلون ناظريهم بهذه المنطقة التي ستبلغ فيها الدماء إلى الرُّكب، هم يفرحون حينما تحدث تسونامي هنا أو تسونامي هناك، حينما تندلع حرب هنا وحرب هناك لأنهم يعتبرون بأنها إشارات على قرب مجيء الرب. ماذا لو قرر أحدهم، مثلما هم يدعمون إسرائيل مالياً الآن ويدعمونها عسكرياً، هناك كتائب كاملة من الصهاينة المسيحيين قاتلوا في حرب تموز مع الجيش الإسرائيلي، وأجرت (السي. إن. إن.) وفوكس نيوز مقابلات مع أهاليهم، وهم ليسوا يهوداً. هناك إشكالية تاريخية يقع فيها المؤرخون العرب وهي أن وعد بلفور.. باني وعد بلفور أو معطي وعد بلفور، جيمس بلفور هو شخص يهودي، هو ليس يهودياً، هو صهيوني مسيحي من أتباع جون نيلسون داربي، هو صهيوني مسيحي، هؤلاء هم من خلقوا الفكرة الصهيونية وأعطوها لليهود وهم من دعموا هرتزل الذي كان يأكل الخنزير كما كنت تقول.
فيصل القاسم: طيب سيد عواركه، يعني للأسف الشديد ما زلنا بانتظار أن نسمع صوت السيد دانيال بايبس من واشنطن، لكن يعني هناك مشكلة فنّيّة من المصدر، نعود إليكم بعد هذا الفاصل.
[فاصل إعلاني]
يهودية الدولة واللاجئون الفلسطينيون
فيصل القاسم: أهلاً بكم مرةً أخرى مشاهدي الكرام. نحن معكم على الهواء مباشرةً في برنامج الاتجاه المعاكس. ونعتذر، ما زلنا نحاول لكننا تمكنا أخيراً من الاتصال بالسيد دانيال بايبس في أمريكا. سيد بايبس، وقت طويل مضى وكنت لا تسمع كثيراً ممّا يُقال. لكن السؤال المطروح الآن، على ضوء هذه المطالبة الإسرائيلية بأن يعترف بها العرب والمسلمون كدولة يهودية، يعني كيف يمكن أن يُقبل ذلك ونحن نعيش في عصر العولمة واختلاط الثقافات والأديان وكل ذلك؟ هل يُعقل أن يُسمح لهذه الدولة أن تنفرد عن كل العالم؟ يعني أي فاشيةٍ أكبر من هذه الفاشية، كما يتساءل ضيفنا؟
"الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية لا يختلف عن الاعتراف بالـ56 عضوا من دول منظمة المؤتمر الإسلامي كدول إسلامية، وإذا تحولنا في العالم لوجدنا أعدادا كبيرة من الدول لها هوية دينية، وما تطالب به إسرائيل العرب لا يختلف عن ما يطالب به العرب بقية العالم"دانيال بايبسدانيال بايبس: دعوني أبدأ بالإشارة إلى أن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، ليس مختلفاً عن الاعتراف بالستة وخمسين عضواً من الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي كدول إسلامية أو المملكة المتحدة كدولة أنجليكانية أو اليونان كدولة أرثوذكسية. في الحقيقة إذا تجوّلت في أنحاء العالم لوجدت أن أعداداً كبيرة من البلدان لها هوية دينية، إذاً لا شيء غير عادي ولا شيء فاشي، ببساطة هذه مجرد ممارسة سائدة منتشرة في القرن الحادي والعشرين. إذاً ما تودّ إسرائيل أن يُقبل منها من العرب ليس مختلفاً عمّا يريد العرب أن يُقبل منهم من بقية العالم.
فيصل القاسم: لكن السؤال المطروح، أنت تبسّط الأمور سيد بايبس بهذه الحالة. البعض يقول أنها محاولة إسرائيلية مفضوحة لحرمان أكثر من أربعة ملايين لاجئ فلسطيني من العودة إلى وطنهم، ثم هناك مَن يتخوّف بأن يتم حتى ترحيل أو تهجير العرب الذين يعيشون داخل إسرائيل.
دانيال بايبس: نقاط مهمة. أولاً، أن قضية القبول بإسرائيل كدولة يهودية ليس قضية سكان، إنها قضية فكرة. ممكن أن تُقبل كفكرة حتى من دون البحث في الجوانب السكانية، على سبيل المثال بريطانيا دولة أنجليكانية ويوماً ما قد يكون هناك عدد كبير من الذين لا ينتمون لنفس الديانة لكنها ستبقى هويتها أنجليكانية. ثانياً فيما يخص اللاجئين، هذه قضية معقّدة للغاية، أعتقد أننا من الجدير بالذكر أن نلاحظ أن مسألة اللاجئين، والذي ينطبق على كل البلدان في العالم ما عدا اللاجئين الفلسطينيين، لأن تعريف اللاجئين هذا يعني فقط الذين كانوا أول من أُجبروا على ترك وطنهم، وفقط في حالة الفلسطينيين فإن هؤلاء الذين كانوا أول من غادروا مضافاً إليهم أولادهم وأحفادهم وأحفاد أحفادهم. إذاً في الوقت الذي، هناك حسب التعريف الفلسطيني ملايين من اللاجئين، بينما التعريف السائد عالمياً لمصطلح اللاجئين هناك فقط 70 أو 80 ألفاً. أعتقد أنه من المناسب لنا جميعاً أن نستخدم التعريف العادي الطبيعي للاجئين، وأن لا نضمّن معهم الأحفاد، هذا سيكون في مصلحة الجميع لو أن الأطفال الذين يولدون في مخيمات اللاجئين أن يُسمح لهم أن يعيشوا حياةً طبيعية، على سبيل المثال في لبنان حيث يتعرض الفلسطينيون لكثير من القيود لكي لا يستطيعوا أن يعيشوا حياةً طبيعية. أخيراً ما يخص الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل الذين هم مواطنون إسرائيليون، هم أقلية ضمن إسرائيل، لديهم كل الحقوق، ليسوا دائماً... حقوق تُعاش بشكل طبيعي، لكن نظرياً لديهم حقوق طبيعية، وأحد المؤشرات المهمة على جودة حياتهم في إسرائيل أنهم من فترة وأخرى هناك مقترحات للإتيان بالسلطة الفلسطينية إليهم وجعلهم جزءاً من السلطة الفلسطينية، هم يرفضون ذلك ويفضلون البقاء في إسرائيل. إسرائيل ليست كاملة من دون عيوب، لكنها دولة ديموقراطية ليبرالية عصرية، الفلسطينيون الذين هم مواطنون إسرائيليون، رغم شكواهم، في خاتمة المطاف يريدون البقاء كمواطنين إسرائيليين، أعتقد أن هذه نقطة مهمة من حيث أن إسرائيل تستحق أن تُسمى دولة ديموقراطية ليبرالية. نحن كأمريكيين، لذا يكون لنا صِلات قوية وتحالف قوي معها باعتبارها دولة معاصرة إيجابية بنّاءة، وإذاً من الصالح لجيران إسرائيل أن يعترفوا بها كدولة لليهود.
البُعد الديني في الصراع العربي الإسرائيلي
فيصل القاسم: طيب. لكن سيد بايبس، يعني ألا تعتقد أن مثل هذا الاعتراف الذي تطالب به إسرائيل، يعني أن يُعترف بها كدولة يهودية صرفة، يُلبس الصراع ثوباً عَقَدياً ودينياً خطيراً؟ يعني الآن لا ضير أن يقول لك المسلمون، يعني هل لاحظتم؟ كنا نقول لكم منذ البداية أنها دولة عنصرية، فاشية، دينية، حتى اسمها اسم ديني يعني، هي الدولة الوحيدة التي، أو قليل من الدول مثلها، التي تتخذ اسم شخص لنفسها. ألا تعتقد أن ذلك سيشعل الصراع وسيصوّر في نهاية المطاف على أنه صراع إسلامي يهودي؟
دانيال بايبس: لا أعتقد أننا في التحليل النهائي يمكن أن يُسمى الصراع معركةً بين الإسلام واليهود أو المسلمين واليهود. أولاً، لأن السكان المسلمين لإسرائيل تضاعَف عشر مرات منذ 1948، ومنذ 60 عاماً تقريباً قضت، السكان تضاعف عددهم عشر مرات، جزء من ذلك كان بالتوالد والتكاثر الطبيعي وأيضاً هناك سبيل آخر وهو الهجرة. إذا ما نظرنا كذلك إلى الأماكن الدينية، مثل الحرم الشريف في القدس، الإسرائيليون يكنّون الاحترام له ولا يسيطرون على تلك المنطقة، هي ما زالت من حيث الأساس تحت سيطرة المسلمين والوضع كذلك منذ 40 عاماً، والإيحاء بالقول بأن الإسرائيليين يحاولون السيطرة على سلطات الأوقاف، لكن ذلك لا يتم، المسلمون هم الذين يسيطرون على الأوقاف الإسلامية، المسيحيون يسيطرون على أوقافهم، وكذلك البهائيّون واليهود.
فيصل القاسم: طيب سيد عواركه، لعلك استمعت إلى هذا الكلام. يعني لماذا كل هذا الخوف؟ أخبرنا، كما استمعت، سيد بايبس، بأن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية لا يختلف عن الأعضاء الستة والخمسين المنضوين تحت منظمة المؤتمر الإسلامي وإلى ما هنالك من هذا الكلام. فلماذا هذا الخوف؟
خضر عواركه: قبل أن أجيبك على سؤالك. أنا أتمنى على كل المشاهدين العرب وخصوصاً على أهالي المليون شهيد عراقي، أتمنى على أبناء مصر الحبيبة، أتمنى على السلطات المصرية، التي لا أفهم حتى الآن لماذا لم تُصدر مذكرات توقيف دولية بحق السيد بايبس، أتمنى، الذي يقوم بنشاط مكثف مع الأقباط في المهجر لصهينتهم ولخلق بلبلات طائفية داخل مصر بدعم من اللوبي اليهودي الذي يعطيه إمكانيات ضخمة جداً عبر Freedom House وغير Freedom House، وهذه منظمات غطاء للوبي اليهودي. أتمنى على الشعب الفلسطيني، وعلى كل أم شهيد فلسطيني، على كل أرملة، على كل يتيم، أن ينظر إلى وجه السيد بايبس ويُملي عينيه منه لأنه العضو في المجموعة الشيطانية الإرهابية التي أقنعت جورج بوش وأقنعت أولمرت وأقنعت جميع الإرهابيين الإسرائيليين والأمريكيين بقتلهم وبغزوهم وبتدميرهم. هو هذا الشخص الذي يرتدي ثوب الأكاديمية والخبرة في الشرق الأوسط، يصوّت لمحاربة الإسلام كإسلام، بعيداً عن كون هناك مسلمين أشرار ومسلمين أخيار، هو يصوّت لحرب بين الحضارات، لحرب ديانية. يتكلم الآن عن الشرق الأوسط، أو يتكلم عن إسرائيل كأنها دولة عصرية أو كأنها دولة قانونية، هي دولة ضد القانون، هي دولة عنصرية، هي دولة، إن كان يتحدث عن الديموقراطية، هي دولة ديموقراطية اليهود، وهم ديموقراطية اليهود ويفرّقون بين بعضهم البعض، هي دولة ديموقراطية الهدم، ديموقراطية هدم البيوت وتهجير الناس، الفلسطينيين في أراضي 48 غير مسموح لهم أن يلمّوا شملهم على أهاليهم الموجودين في الخارج، الأربعة ملايين مهجّر فلسطيني ومنهم محمود عباس، الذين ينكر الآن عليهم، على أحفادهم وأولادهم أن يُلقّبوا بالمهجّرين وباللاجئين في عنصريةٍ فاضحة. أنا أدعو كل العالم، وأتحداه أن يتمكن من استضافتي وهو على علاقات جيدة مع الإعلام الصهيوني الأميركي، أن يستضيفني في حوار عن الديموقراطية الإسرائيلية على تلفزيون أميركي، أتحداه لأنهم لن يقبلوا أن يستضيفوا عربي ويتكلم بحرية، يستضيفون بعض الرعاع الذين يتكلمون بلسانهم وهم كارهون لذواتهم، وهو يراعهم، هو بالذات يرعاهم. هذا الشخص سوبرمان في الشيطنة وفي الإجرام، هو من أقنع جورج بوش بأن غزو العراق شيءٌ جيد، مع الخمسين حرامي، ومع الخمسين شخص من عصابة المحافظون الجدد. هو من رفض كل مؤتمرات السلام، هو من قال يوماً، وليس من زمنٍ بعيد في عام 2002، قال في مقال وعلناً، إنني أدعو إسرائيل إلى سحق الفلسطينيين حتى يستسلموا، بهذا تحقق السلام. هو يرفض دولة فلسطينية، هو يرفض حتى مجرد ذكر حقوق للفلسطينيين، هو... بالأمس فقط نشر مقالاً على موقعه غايةً في العنصرية، غايةً في النازية، هذا شخص تعمّق في الفكر النازي حتى تقمّصت روح هتلر به. أنا أقول لهذا الشعب العربي الذي يراه دائماً على الشاشات العربية، ونحن نتمنى أن يراه العرب كثيراً لأنه الوجه الحقيقي لإسرائيل والوجه الحقيقي للسياسة الأمريكية التي يُداهنون بها. إسرائيل دولة عنصرية إرهابية قائمة على القتل. هذا الشخص ماذا قال حين قُتلت في جنين، دولة الديموقراطية، ماذا كان ردة فعله وهو أب لثلاثة بنات، ماذا كانت ردة فعله حينما قُتلت هذه الطفة الطاهرة الصغيرة إيمان الحجي؟ ماذا.. في نابلس، حينما فُتح صدرها بقذيفة؟ ماذا قال حين قُتل محمد الدرة؟ أين هي المحاكم الدولية للمجازر التي افتُعلت في لبنان؟ هذا الشخص علينا أن نكلّمه بمنطق واحد، يا سيد فيصل، علينا أن نوصل له رسالة بأن الشعب العربي يعي تماماً ويراقبك ماذا تفعل في مصر، ماذا تختلق في مصر، ويراقبك ماذا فعلت أنت وزياد عبد النور في لبنان، أنتم من خططتم للمرة الأولى وأقنعتم الإدارة الأمريكية وكارل روف بأن ينفذوا اغتيالات متتالية لزعماء لبنانيين وضعتم صورهم على موقعكم على الإنترنيت....
فيصل القاسم (مقاطعاً): طيب، بس خلّينا.. كي لا نخرج...
خضر عواركه (متابعاً): وسحبتموها بعد اغتيال الحريري. أنتم قتلة، وأنت واحد من القتلة، فلا تتفلسف علينا وتقول لنا ديموقراطية. إسرائيل، إن كنت لا تعرف فسوف أقول لك، إسرائيل دولة وكيان عنصري راحل، ليس الآن، نقول للشعب الإسرائيلي الموجود في الداخل، سوف نحتضنكم كما احتضن السود البيض في جنوب أفريقيا، لن نقتلكم، لن نقبل بقتلكم، سوف يرحل من يجب أن يرحل ويبقى من يجب أن يبقى أخاً لنا، على أن يكون مثل نعوم تشومسكي وليس مثل الشيطان أنت.
فيصل القاسم: طيب. يا سيدي لا نريد أن.. رجاءاً أن نبتعد عن التجريح. سيد بايبس لعلك استمعت إلى كل هذا الكلام. يعني إلى متى التخفّي وراء عبارات أكاديمية بينما حقيقة إسرائيل مرعبة، وخاصةً بعد مطالبتها بأن يُعترف بها كدولة يهودية؟
دانيال بايبس: أودّ أن أشير إلى ثلاث نقاط على وجه التحديد. أولاً أجريت تحليلاً منذ العام 1950، ورغم أن الصراع العربي الإسرائيلي كان سبب في الكثير من التوتر، لكن في الحقيقة هناك 48 نزاعاً آخر تسببت بعدد أكبر من الموتى والقتلى حسب المعايير الدولية والعربية المعروفة مقارنة بالحرب العراقية الإيرانية وبنزاعات أخرى. ثانياً، أنا لست ضد الإسلام، أنا ضد الإسلامية أو الإسلاموية، وأيضاً أنا أقول منذ نحو 6 سنوات، التطرف، الإسلام المتطرف، أنا...
خضر عواركه (مقاطعاً): إن لم تكن ضد الإسلام، لماذا تلاحق المدرسة الإسلامية في واشنطن؟ لماذا تلاحق الأساتذة الذين يدافعون عن الإسلام في واشنطن؟
فيصل القاسم (مقاطعاً): بس دقيقة، بس دقيقة.
خضر عواركه (متابعاً): لماذا تلاحق كل من يعادي إسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية؟ ألم تُجرِ أنت، أجبني، ألم تُجرِ أنت محاكمة أكاديمية للدكتور البروفيسور رشيد خالدي؟ أنت وغيرك، أنت أسبوعياً لك نشاط معادي للفاشية الإسلامية، وحينما نقرأ نجد بأن الفاشية التي تتحدث عنها هم الإسلاميون العاديون، المسلمون العاديون، المواطنون الأميركيون في الولايات المتحدة الأمريكية المسلمون وعددهم بالملايين وربما يزيدون عن عدد اليهود، أنت تقول عنهم أنهم فاشيون جميعاً بلا تفريق، المرأة الوحيدة التي ليست فاشية، بالنسبة لك، هي وفاء سلطان المرتزقة لك التي تموّلها أنت وتقيم أنت الدنيا وتقعدها من أجلها. الرجل الوحيد، العربي المسلم الذي تعتبره أنه شخص جيد هو المدعو أحمد صبحي منصور المجدّف على القرآن، والرجل الثاني فؤاد عجمي الكاره لنفسه والحاقد على نفسه، هؤلاء المسلمون الذين تعنيهم، أمّا كل مسلم، حتى الملك السعودي، بالنسبة لك، هو فاشي...
فيصل القاسم (مقاطعاً): طيب، بس دقيقة. سيد عواركه، أشكرك جزيل الشكر. تفضل يا سيدي..
دانيال بايبس: هذا حقيقةً، أنا لا أستطيع التعامل مع كل هذه الاتهامات...
خضر عواركه (مقاطعاً): بالطبع، لأنك لا تريد أن تدافع عن نفسك...
فيصل القاسم: طيب، سيد بايبس. هناك سؤال الآن، البعض يقول في واقع الأمر، إن مطالبة إسرائيل العالم العربي والعالم بأن يعترف بها كدولة يهودية، هي تريد من وراء ذلك في واقع الأمر أن تصوّر نفسها، خاصةً للمسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة والعالم الغربي بأنها مضطَهدة وبأنها ملاحَقة ومحاربَة لسبب وحيد أنها يهودية. يعني تريد أن تبيع هذه الفكرة للعالم وتصور العالم الإسلامي كله بأنه يريد أن يمحقها، فقط لأنها يهودية وبأنها جزء لا يتجزأ من الثقافة المسيحية الغربية وخاصةً الصهيونية المسيحية. كيف ترد عليهم؟
"المسيحية الصهيونية موجودة منذ نحو 200 عام ولم تصبح قوّة سياسية حتى السنوات العشرين أو الثلاثين الأخيرة في الولايات المتحدة، واليوم هي قوّة سياسية، وبعد قيام قوات الدفاع الإسرائيلية، كان المسيحيون الصهاينة هم الأكثر قوةً في الدفاع عن إسرائيل، "دانيال بايبسدانيال بايبس: المسيحية الصهيونية موجودة منذ نحو 200 عام ولم تصبح قوّة سياسية حتى السنوات العشرين أو الثلاثين الأخيرة من الولايات المتحدة، اليوم هي قوّة سياسية وأنا أقول من وجهة نظر إسرائيل بعد قيام قوات الدفاع الإسرائيلية، كان المسيحيون الصهاينة هم الأكثر قوةً في الدفاع عن إسرائيل، لكن هذه ظاهرة جيدة، فكرة الدولة اليهودية تعود إلى أكثر من 100 عام وكانت مصدر الإلهام للحركة اليهودية للمجيء إلى إسرائيل وإقامة الدولة. يصدف الآن أن هناك جزء كبير من المسيحيين الأمريكيين الذين يدعمون هذا المشروع، وهذا قد يكون أمراً مؤقتاً. ولكن الحليف الأكبر لإسرائيل هم المسيحيون الصهاينة، قد لا يكونون بهذه القوة لفترة طويلة لكن يصدف أنهم كذلك الآن وبإمكان المرء أن أقول أنهم الحليف الغير اليهودي الأكبر لإسرائيل في العالم.
فيصل القاسم: سيد عواركه. يعني باختصار، ليس هناك، مجرّد مصادفة فقط، أن يكون هناك جزء من المسيحيين الصهيونيين في أميركا داعمين لإسرائيل، مجرّد مصادفة وليس هناك أي رابط بين دعوة إسرائيل للاعتراف بها كدولة يهودية وبين الصهيونية المسيحية التي تتحكم بمفاصل القرار في أمريكا، باختصار؟
خضر عواركه: أنا لم أجد في حياتي الحقيقة شخص... يؤسفني أن أقولها..
فيصل القاسم (مقاطعاً): بدون شخصنة سيد... بالموضوع مباشرةً...
خضر عواركه (متابعاً): بدون شخصنة، لم أجد شخص يستطيع تدوير الزوايا بهذه الطريقة. أنا وجهت أسئلة محددة، وسأجيب على سؤالك بعد تفصيل هذه النقاط.
فيصل القاسم (مقاطعاً): لأ، ليس لدينا وقت. أريد أن تجيب على سؤالنا الآن.
خضر عواركه (متابعاً): يا أخي الصهيونية المسيحية ليست حالة طارئة، وهم يسعون لإبقاء قوتهم بطريقة غير معلنة. هناك منظمات صهيونية مسيحية سرية أكثر من الماسونية وأخطر من الماسونية. سأعطيك مثالاً، هناك مشروع جوشوا ويتواجد في جميع أنحاء العالم العربي ويتواجد في جميع أنحاء العالم، استطاعوا تحويل 50 مليون برازيلي من الكاثوليكية إلى الصهيونية، يسمون أنفسه إنجيليون معمدانيون، هم صهاينة مسيحيين، هؤلاء تحولوا. في الهند هناك عشرات الملايين تحولوا في خلال عشرات السنين، فقط من عام 1970 وصعوداً حتى الآن. هناك الآن في الدول العربية، في مصر مثلاً، أكثر من 400 كنيسة صهيونية مسيحية سرية، منهم إميل بطرس قائد كنيسة أو راعي كنيسة الشَرابية، هؤلاء يعبدون بعد الرّب أو قبل الرّب إسرائيل، وهم لا يعيشون ولا يأكلون ولا يشربون ولا يصرفون إلا كل دولار يأتي إلى إسرائيل، كل مساعدة تأتي لإسرائيل، نسبة المساعدات من اليهود فيها هي 25 بالمائة و75 بالمائة من الصهاينة المسيحيين. الدعم السياسي في الولايات المتحدة، داخل واشنطن، لإسرائيل وللقرارات الإسرائيلية، لا يأتي من اليهود، يأتي من اليهود بدعم من الصهاينة المسيحيين الذين لهم مكاتب خاصة في كل لجنة، في كل مكتب عضو كونغرس، يلاحقونهم واحداً واحداً قبل الانتخابات وما بعد الانتخابات ويحرصون أن تتطابق السياسة الخارجية الإسرائيلية مع مفاهيمه الدينية، المؤرّخ...
فيصل القاسم (مقاطعاً): أشكرك جزيل الشكر، سيد عواركه. سيد بايبس، باختصار، يعني، العملية ليست طارئة وأن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية هو جزء لا يتجزأ من مشاريع الصهيونية المسيحية، باختصار الكلمة الأخيرة لك.
دانيال بايبس: نعم. هناك جهود من قِبل الكنائس المسيحية، ليس بالضرورة المسيحية الصهيونية هناك في العالم الإسلامي، هذه تماثل جهود الدعوة الإسلامية في الغرب فهناك أعداد كبيرة من المسيحيين الذين تحولوا إلى الإسلام، هناك حوالي ثلاثة أرباع المليون من الأمريكيين المسيحيين الذين تحوّلوا، اعتنقوا الإسلام وهذه حرية التدين بإمكان المسيحيين أن يتحولوا إلى الإسلام أو عكس ذلك.
فيصل القاسم: للأسف الشديد سيد بايبس، الوقت داهمنا ولم يبقَ لدينا إلا أن نشكرك في أمريكا ونشكر أيضاً السيد خضر عواركه. نلتقي مساء الثلاثاء المقبل، فحتى ذلك الحين ها هو فيصل القاسم يحييكم، إلى اللقاء.
المصدر:
الجزيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق