كتب خضر عواركة
كيف نفتت البيئة الحاضنة للإرهاب؟
من الواضح أن الحديث عن ثورة عفوية في سورية
مهزلة وسخرية من عقول القراء... وكذا الحديث عن أن من خرجوا في الأشهر الأولى كانوا
جميعا من المرتزقة.
اكتسب الحراك الشعبي في العالم العربي صفة الثورية
من مصر وتونس والبحرين وسقط الاعلام السوري في فخ التسويق لجاذبية الثورات الشبابية
في تلك البلاد فنقل الحماسة والشغف بالتغيير من شاشات القنوات الفضائية الى قلوب ملايين
من ابناء الشعب السوري موالين وشبه معارضين ومحايدين. لم يكن الامر يحتاج سوى لكسر
حاجز الخوف ولشعارات لا ترعب المحايدين، شعارات لا تكسر المحرمات ولا تستفز الدولة،
لهذا تعاطى مدراء الحراك الحقيقيون مع التحضيرات لإشعال فوضى خلاقة مسلحة في سورية
بطريقة مدروسة ومنهجية لا مجال فيها لأي تصرف عفوي.
وفي المقابل، كان النظام يحضر لخطوات تبعد عنه
كأس تسونامي المشاعر الملتهبة بالحاجة الى تغيير، فكانت قرارته التي تعد بتسريع التغيير
وبنقل البلاد من حال الى حال، لكن تلك التصريحات كانت اقل بكثير من حرارة الرغبات الشعبية
بتغييرات جذرية ولكن تحت سقف الحكم الخاص بالرئيس بشار الاسد، لتحطيم صورة الرئيس المحبوب،
ولتحييد هيبة موقعه المرعب بالنسبة لمن يفكرون بمخالفة نظام له تاريخ مماثل من قمع
المعارضين بعنف شديد، كان ضرب هيبة الرئيس وتشويه صورته امرين
اساسيين.
لذا عملت الادارة الخفية للثورة الطائفية الوهابية
في سورية بطريقة مبسطة ومركزة. لم يتحدوا الرئيس اولا بل ناشدوه التدخل ضد الفساد والفاسدين،
هذا الامر لم يستمر طويلا ولكن في البداية رفعوا شعارات بعيدة عن تناول الرئيس، فتعاطى
النظام بردة فعل متفهمة وموضوعية وغريبة في وداعتها.
كان والحوار هو الخيار الرسمي، ولم يترافق ذلك
مع خطاب اعلامي ورئاسي يواكب تفتيت الهيبة ليعيد ترميمها في نفوس المواطنين، الفعل
الامني لم يكن على مستوى سمعته السيئة وقمعه فأصبح مهزوزا وتبين ان قسوة النظام السوري
اقل بكثير مما يقال عنه.
) (التجنيد
والتنظيم
استغل المخططون الامر ودفعوا بشخصيات مدربة على
التحشيد والحراك والتجنيد والتنظيم، وواكبت صفحات اعلامية خارجية بأسماء محلية ذلك
التحرك الشبابي النشط ببث تعليمات اوتوبورية حول كيفية مواجهة النظام وكيفية افتعال
مشاكل تورط السلطات في العنف ضد المتظاهرين. وكان هؤلاء الشباب ممن يعرفون جيدا مناطق
تحركهم فكان منهم من يسافر الى المحافظات بأوراق مزورة او عادية ويجند ويحرض ويقيم
غرف عمليات محلية وتنسيقيات ممولة من داعميه، مئات من هذه النماذج الفعالة كانت مدربة
منذ سنوات باسم التعاون مع المجتمع المدني، ولم يكن ظاهر هؤلاء اخوانجياً او سلفياً
بل بمجملهم كانوا من ادوات جاسوسية يديرها مكتب الديبلوماسية العامة الاميركي في واشنطن
عبر ممثليه في سفارات لبنان ودمشق وعمان وانقرة.
بعض هذه النماذج كان من المقيمين في الداخل،
وبعضها قدم من الخارج وخاصة من دول الخليج وعلى الاغلب من قطر، حيث حرص معهد الدوحة
للتدريب على الديمقراطية على تجهيز عملائه بكل ما يلزمهم من اموال وادوات تواصل تكنولوجية
متطورة لم يكن النظام يملك ما يكشفها. وكذا فعلت مؤسسات اميركية وفرنسية لبنانية واردنية
وتركية والمانية وكل منها يحمل شعارات العمل الشبابي والعمل التطوعي والعمل المدني
والمؤسسات الأهلية وكلهم مرتبط بشكل او بآخر بقسم الديبلوماسية العامة في الخارجية
الاميركية الذي قاد ثورات مخملية في جورجيا وصربيا واكرانيا وحاول في روسيا وإيران
ودعم ثورات في مصر وتونس والبحرين وليبيا واليمن ويتخذ من نموذج الاتحاد العالمي للشباب
في اميركا مثالا يحتذيه المتعاونون معه.
هؤلاء شكلوا النواة الاولى لغطاء علماني مقبول
من عامة السوريين قبل ان تتحرك بعد اسابيع مجاميع امنية سلفية مرتبطة بالمؤسسة الارهابية
العالمية من جهة وبالمخابرات التركية والاميركية والسعودية والاردنية والقطرية. كما
بدأت جماعات شعبية وامنية فعالة تنتمي للإخوان المسلمين في التحرك الفعال وبعضها كان
يعمل بحماية النظام كما هي حال الشيخين اسامة وسارية الرفاعي والقيادي الاخواني الامني
المؤسس لجيش الاسلام قبل ان يتحرر منه زهران علوش ويسيطر على ذلك الجيش.
تجاوبت مجاميع شبابية بريئة وحالمة ووطنية مع
احلام الثورة الوردية فنقلوا الحراك بغطاء لا حزبي الى مناطق جديدة فتكونت مع سقوط
قتلى من المتظاهرين احقادا ضد السلطة على المستويات القروية والعشائرية والقبلية والعائلية
فكونت هذه المجاميع المتضررة والحاقدة بيئات نقلت الحراك الى مرحلة دموية في وقت مبكر،
وارفقوا العمل المسلح الشديد السرية والحذر بخروقات داخل اجهزة الامن سهلت اتهام الصحافة
العربية للنظام بقتل المتظاهرين.
ظلم وقتل وتعذيب
ومع ان عمليات قتل حصلت بغير امر من السلطات
العليا التي حرصت على القفاز الحريري وعاقبت المخالفين بالسر، الا ان المنفذين على
الارض كان منهم اغبياء ومجرمون وكان منهم عملاء. فعادت درعا لتشتعل ومعها مناطق اوسع
من سورية اهمها حمص وريف دمشق ودوما خاصة، وترافق ذلك مع نقل التعاطي الاعلامي من العام
الاصلاحي الى المشكلة الاهلية المحلية لدرعا المظلومة وجرى تقديم درعا بصفة الشهيدة
ولم يكن في الاسابيع الاولى قد سقط فيها بعد سوى اربعة شهداء اثنان منهم من العسكريين(...)
وسرت في اوساط الشعب السوري اشاعات واسعة النطاق
مصدرها اشخاص يعدون بالمئات، كان مطلوبا من كل منهم تثوير خلية من خمسة اشحاص ينقل
إليهم الاشاعات المطلوب ترويجها بوصفها وقائع وهم كانوا اول مصدقيها وكانوا يرتبطون
بمشغلهم وكل منهم يسوق لخمسة آخرين يربطهم به فينقل إليهم الاخبار والحقد والهستيريا
الطائفية، هكذا جرى تطبيق نظرية التجنيد الاوتوبورية للحراك الشعبي المسماة «ذرة الثلج»
وهي نظرية تنفع بنقل الاشاعة من شخص لآخر في تثوير مدينة بأكملها خلال اسبوع ان لم
تجد من يحبط عملها.
معظم التنسيقيات نشأت بهذه الطريقة، الاشاعة
اولا ثم العمل على دفع المشاركين الى التظاهر ثم الى السلاح.
عناصر قيادية في التنسيقيات ولسخرية القدر كانت
من المتدربين السابقين مع مؤسسات محلية في دورات تنمية بشرية كانت تجري بعلم الدولة
وبتسهيلها، ولكن من دربهم عرب واجانب مرتبطون بهيئات دولية ظلت على علاقة بهم عبر الأنترنت
ثم سحبت المتعاونين منهم والنافعين الى الخارج لمتابعة تدريبات على التحشيد وعلى ما
يسمونه العمل الديمقراطي والثورة المدنية. جرى تطعيم هؤلاء لاحقا بقيادات جرى الدفع
بها لنيل قصب السبق اعلاميا وماليا ليسيطروا بإشراف اميركي -خليجي على الحراك الشعبي
فنشأت اتحادات التنسيقيات وهيئات الثورة والخ...
هؤلاء كانت اجهزة امنية عربية وغربية تديرهم
من سفاراتها وكل منها لديها عدد من الناشطين المدنيين العملاء لها والذين تديرهم باسم
العمل الاهلي المدني. فكان كل من هؤلاء ينقل شخصيا او بالهاتف الى من يشغلهم بالمال
او بالقناعات او بالحماسة وكل منهم ليس مطلوبا منه الكثير، فقط جند خمسة وانقل الاخبار
لخمسة من معارفهم يوميا، وكان اول ما طلبوا نقله اخباراً مأساوية يزعمون انها تجري
في درعا، اخبارا عن ظلم وقتل وتعذيب لأسباب طائفية تجري على يد النظام وعلى يد شبيحته،
وجرى سريعا استخدام لغة طائفية متشددة من قبل ناشطين غير متدينين لا بل ملحدين احيانا
وكان نموذج جيش المهدي هو الخيار لتسويق فكرة ان الاخير يساعد النظام ضد شعبه في درعا
وكذا حزب الله.
تظاهرات
ساد الحزن على درعا سورية من اقصاها الى اقصاها
خاصة ضمن الطائفة السنية، وحتى ضمن الموالين من ابنائها الخمسة الذين ينقل اليهم مئات
من العملاء الاشاعة صاروا ملايينا وصلتهم تلك الاشاعة في ساعات، مراهقات صرن يتصلن
من درعا بصديقات لهن في دمشق، ثم يسافرن للقائهن في مقاهي دمشق وهذا ما حصل مع اخريات
واخرين في حمص وفي حلب، مراهقات وصبايا يسافرن لنقل ما كن يقلن انها الجرائم التي يمارسها
النظام ضد الدرعاويين، فكنت ترى ابنة الرجل الموالي الناشطة مع النظام تفاعليا وقد
انقلبت في ساعة الى معارضة شرسة على قاعدة طائفية بحتة. وكان الشعار في الاشاعات واحداً
«انهم يقتلون اهالي درعا لأنهم سنة» جيش المهدي وحزب الله يشاركان في القتل، انها حرب
الشيعة على السنة.
كلام وجد من صدقه فخرجت تظاهرات في محافظة درعا
من القرى المحيطة بالمدينة وتوسعت الثورة الطائفية. حصل المخططون بضربة واحدة على ثلاثة
اهداف:
1- حرروا بعض السوريين من حاجز
الخوف بالغضب الطائفي.
2- وسعوا تأثيرات الربيع الوهابي
العربي في سورية على قاعدة طائفية بحتة.
3- فككوا برغيا وطنيا وزرعوا
مسمارا طائفيا في عقول ضباط وجنود الامن والجيش ولو على مستوى متدن ولكنه عمل تطور
مع الوقت ومع سقوط القتلى والاخطاء الحقيقية والمفتعلة من قبل عملاء في الامن وفي الجيش.
لتنجح كل الاستعدادات والتحضيرات في خلق بيئة لفوضى خلاقة مسلحة تدمر سورية وتفتت كيانها
وشعبها، وكانت هناك عقبات منها:
1- الامن والجيش
2- الملتزمون حزبيا عن قناعة
3- الطبقة التجارية القوية ماليا
وشعبيا والمرتبطة مصالحها بالنظام
4- عامل الرعب النفسي من السلطة
5- غياب قيادة موحدة تشد ازر
المنتفضين
لتخطي العقبة الاولى كان الفساد والطائفية هما
الحل وقد نجح كلا الامرين بنسبة معقولة ولكن غير كاسحة فوجدنا متعاونين مع الارهاب
بسبب العاطفة الطائفية او بسبب الفساد المالي وجرت السيطرة على مناطق واسعة لا بسبب
التظاهر ولا بسبب السلاح والمسلحين بل بسبب وجود قيادات منعت الحسم وخلطت اوراق القوة
في يد النظام فأضعفت قبضته وأخرت الاعمال الحاسمة اعلاميا (ولا تزال) وعسكريا وامنيا
وقانونيا واصلاحيا ودستوريا لوأد الثورة الطائفية الوهابية في مهدها.
فكان للمخططين وهم اميركيون وحلفاؤهم الغربيون
وعملاؤهم العرب وهؤلاء كانوا يتصرفون ويعلمون ماذا يريدون وماذا يملكون من اوراق القوة.
في حين ان السلطة كانت تنام على حرير قوتها،
اي الجيش والامن وجماهير المؤيدين.
وقد جرى تعطيل الاوراق الثلاث وجرى تأخير استخدامها
وجرى اتخاذ قرار لا اعرف حتى اللحظة دوافعه وهو تعطيل تسونامي التأثير العاطفي عند
السوريين كافة لشخص الرئيس الاسد، العاطفي خوفا او محبة، وجرى تعطيل تسونامي الدعم
المعنوي عن الموالين (والمرعب للمعارضين) فتأخرت المواكبة النفسية (بالخطابات العالية
النبرة والمضمون) للشعب فانقسم لان الخطاب الاعلى يجذب (نظريات ويلهم في الاعلام النفسي)
والخطاب الاقوى يكسب الرعاع، والمعركة لتدمير سورية لم تكن بيد العقلاء ولا المتعلمين
بل بيد الرعاع ولم تزل.
اعتماد
الخطاب العلمي
وقد مُنع الاعلام الرسمي ايضا من نقل ما كان
يدور بين الرئيس وبين من حاورهم من المتظاهرين (بلغوا مئات من وجهاء معظم المحافظات
السورية التي خرجت فيها تظاهرات) وجرى تعميم قرار يختص بالإعلام يمنع ظهور صورة الرئيس
حافظ الاسد (مع ان التذكير به كان كافيا لتقوية عزيمة انصاره)، ومنعت ايضا اخبار استقبالات
الرئيس بشار الاسد منعا لاستفزاز المتظاهرين، فتشجع المتظاهرون بهذه الامور واعتبروها
تراجعا وضعفا للحكم وانتصارا لهم لان اخبار تلك القرارات كانت تسرب من عملاء ومتعاونين
الى مقر الادارة الفعلية للحراك خارج سورية.
وجرى منع بث اخبار الشعارات الطائفية التي كان
يعلنها المتظاهرون، كما جرى منع اظهار جرائمهم في الاعلام الرسمي حتى لا ينتشر الحقد
الطائفي بين السوريين، فظهر المتظاهرون وكأنهم ثوار يطلبون الحرية السياسية لجماعاتهم
الطائفية.
الخطابات الشعوبية المكتّلة للناس عاطفيا من
حول السلطات لم تظهر ايضا فحافظ الرئيس الاسد على الخطاب الهادئ والعلمي (حتى اللحظة)
وحافظ على صورته كرئيس يعتمد الخطاب الموجه بعناية الى العقلاء، ولم ينتقل الى الخطاب
الذي يسخر النبرة العالية عاطفيا لا عقليا لاستمالة من هم في صف خصومه من البسطاء سواء
بالمحبة او بالتخويف.
غياب القناعة بالحاجة الى خطاب مماثل هو ما حكم
الخيار في اعتماد الاسلوب الهادئ، إذ ان اسبارطة النظام الواثق بنفسه حتى الثمالة بالقوة
المحصنة بمليون جندي، وبملايين الانصار، جعلت من الحاجة الى مثل ذلك الخطاب امرا غير
مرغوب فيه.
الصفات الشخصية للرئيس الاسد حتمت اعتماد الخطاب
العلمي المبني على وقائع لا على عواطف.
ظنت السلطات ان قوتها كبيرة شعبيا وعسكريا وامنيا
بما يكفي لحماية البلاد ولم تتوقع ان يتمكن شيخ مغمور ذو صوت مقذع وشكل مفزع وغير مريح
من دفع مئات الاف السوريين الى ضرب الطناجر في عدة مدن وفي ليلة واحدة.
ظنت السلطات ان لا طرف في العالم يمكنه زحزحتها
عن عرش الدعم الشعبي الذي تملكه وعن مواقعها الامنية والمؤسساتية.
قبائل تحركها الغرائز
امر خالفه الواقع، فالعمل الاميركي - العربي
لم يكن بعيدا عن الفهم العميق لأوراق القوة التي يمتلكها النظام، لهذا كان خيار الاميركيين
هو الخطاب المرتفع عند المعارضين في مواجهة هدوء السلطة، والنبرة الغرائزية العالية
المحركة للرعاع مقابل الخطاب العلمي المبني على الوقائع الحقيقة للسلطة، واعتمد الاميركيون
هجومية شرسة لم تتورع عن رفع شعارات الذبح وعن ممارستها (نضال جنود وحارس النادي العسكري
في حمص وموالين في كل مناطق ريف دمشق التي خرج فيها متظاهرون) الحرب النفسية الاميركية
- العربية كانت تستفيد من هدوء السلطات وكانت تصاحب حربا ارهابية على الشعب السوري
يتهمون بها النظام، لان الفظائع التي ترتكب بحق المدنيين تثير غضبا ونقمة شعبية حقيقية،
وقد مارس النظام هدوءا مريبا حيث يجب استخدام العنف ومارس عنفا حيث تجب ممارسة الهدوء،
مثلا، في حماة قُتل سبعون متظاهرا دون سبب قانوني وبشكل اجرامي بينما في حمص لم يضرب
النظام المسلحين ولو بضربة كف مع انهم قتلوا جنوده وشرطته ومتظاهرين منهم وقتلوا وخطفوا
على الهوية الطائفية. في مكان ما، كانت الخطط ممتازة، ولكن التنفيذ سيئ بشكل مقصود.
ارتكب مندسون وعملاء واغبياء ومجرمون من صف السلطة
جرائم كان يعلنها الاعلام العالمي، وارتكب المتظاهرون جرائم فظيعة كان النظام قصدا
يخفيها ولا يعلنها وفي ظنه ان يطفئ نارا طائفية، فجرى التعتيم على جرائم طائفية ارتكبها
معارضون وارهابيون وجرى تلقف جرائم ارتكبها محسوبون على النظام فأثيرت اعلاميا وضخمها
الفاعلون اعلاميا فصارت الحرب النفسية الاعلامية قادرة على نقل مئات الاف السوريين
من حالة الوعي الى حالة الهستيريا الجماعية المتوافقة على فكرة واحدة «إنهم يقتلون
السنة» و «يجب الدفاع عن حرائر المسلمين».
لم يعد الشعار «هو الشعب السوري ما بينذل»، بعض
الشعب السوري أصبح قبائل تحركها الغرائز التي لا حاجة معها لأي اقناع، الهستيريا الجماعية
المنتشية بالانتقام بعد تنمية بذور حقد له جذور حقيقية واخرى جرى اصطناعها من خلال
تجاوزات واخطاء مقصودة ارتكبها عملاء واغبياء فولدت مساحات اوسع من البيئات الحاضنة
للإرهاب الطائفي في بانياس وحمص وريف دمشق. مراكز ثقل السلفيين الوهابيين والإخوانية
في حماة وفي ادلب لم تتحرك فورا بل انتظرت حتى لا ترعب كارهيها وحتى تنتشر الحمى الطائفية
فيصبح قادتها مقبولين من الناس. هنا ظهر العرعور وامثاله على الارض وفي الفضائيات،
بينما النظام كان لا يزال يحمل قفازا هادئاً واعلامه يمنع منتسبيه من ممارسة ثورة في
التعاطي مع الحدث كان يمكن لها ان تنقذ البلد.
«قبل ان تخوض معركة عليك أن تعرف عدوك كما تعرف
نفسك» (صن تزو)
الغرائز والدين
يشترك فلاسفة عديدون في النظرة الى الغريزة والدين
كمحركين أساسيين وربما محركين وحيدين لهستيريا التعصب الجماعي التي تجعل الأمور المستنكرة
فرديا امرا مقبولا إذا ارتكبتها جماعة
إذا غلفت جرائمك بالموجبات الدينية، يتقبل العامة
ما تفعله بوصفها اعمالا مبررة لا بل ومقدسة أيضا، فالدين مرتبط بأكثر الأشياء إرهابا
للإنسان (الموت) والأخير مرتبط بالخالق، وصورة الخالق في العقل الباطن للبسطاء لا تشهد
تعبيرا مصورا سوى على هيئة رجال الدين او من يزعمون انهم «مجاهدون في سبيل الله» أي
رجال الله وجنوده.
من هنا تركيز الدراسات الغربية والأميركية خاصة
على الطلب من الأدوات التنفيذية لسياساتها، الخاصة بكسب «عقول ونفوس» المواطنين المعادين
لهم، استمالة رجال الدين لأنهم صورة الله في نظر الناس وما يقولونه يدخل عقول الناس
بسهولة ويشكّل وعيهم ويغير قناعاتهم ويبرر انقلاب ظاهر تصرفاتهم وباطن عقائدهم تجاه
الحياة والتفاصيل والسياسة والمجتمع.
وأما الغرائز فهي عامل ميكانيكي، لا يحتاج لعقل
يشد حركته الى منطق، عامل لا يحتاج لتحريكه سوى التبرير المقدس، او الى جوع او غضب
او شهوة.
الغريزة والتدين، هما العاملان الأكثر فاعلية
في السيطرة على مشاعر جماعية لكتلة بشرية قد لا يربطها شيء الا التماثل في منطلقات
الغرائز.
كيف يمكن التصدي لنجاحات تنظيمات إرهابية في
بناء قاعدة شعبية لها؟
المبدأ الأساس:
لا تدعو الرأي العام المخاصم لك الى اعتناق ما
تريد بل ضع هدفا سقفه ان يتخلى عن عقائد من يعاديك، ولا تطلب منه ان يحبك بل ان يكره
اعدائك
لتحقيق انجاز على مستوى مواجهة الشعبية الكبيرة
للإرهابيين علينا ان نفهم أولا الأسباب التي ساعدتهم على اكتساب الشعبية الحاضنة لوجودهم:
1- انطلاق حركات الإرهاب من دعاية
تزعم سعيهم لأهداف نبيلة، وبذلك تعامل الارهابيين التكفيريين من جماعات القاعدة والطائفيين
حلفائهم مع الحرب الدعائية بأسلوب اليهودي شتراوس، فصاحب نظرية «الكذب النبيل» لا يرى
عيبا في استغلال الكذب لاكتساب الرعاع لأهداف نبيلة، وكذا يفعل الارهابيين، فهم زعموا
رغبة في محاربة السوفيات وبعدما انسحب السوفيات تقاتلوا مع من شاركهم قتال السوفيات،
وسعوا للإقامة دولة طالبانية فوق جماجم رفاق سلاحهم في أفغانستان.
وهم زعموا الدفاع عن السنة في وجه الاحتلال الأميركي
في العراق ولكنهم قتلوا من السنة أكثر مما قتلوا من الاميركيين. ولم يقاتلوا الاميركيين
بالقدر الذي قاتلوا فيه شيعة العراق بغرض استثارتهم لكي يردوا الضربات الإرهابية بإرهاب
مماثل ضد السنة الأبرياء، فُتقدم التنظيمات التكفيرية نفسها بصفة الحامي للسنة من
«المجرمين الشيعة» وهذا الامر حصل في العراق وخاصة في الوسط والشمال حيث ان شعبية القاعدة
في أوساط القبائل العراقية أكبر من شعبية أي زعيم سني عراقي رسمي او غير رسمي.
كما انهم زعموا انهم يدافعون عن فلسطين لكنهم
تركوا أهلها وحدهم وتفرغوا لقتل السوريين السنة الذين قالوا انهم قادمون لنصرتهم.
2- تبنيهم لقضايا المسلمين وطرح
العنف بديلا عن أي امر آخر، وترويج ما يفعلونه بأسلوب دعائي حديث ومقتدر، فعالم الاجتماع
«ويلهلم» يقول ان «الصوت الأعلى والعنف الأكثر تطرفا يشد ويجذب البسطاء والدهماء ويولد
حالة من التعاطف الجمعي مع صاحب الصوت الأعلى والفعل الأعنف.
فالسلطة التي تتعاطى بهدوء اعلامي في مقابل العنف
اللفظي والايحاء الصوتي الهجومي للمعادين لها تخسر من قاعدتها الشعبية بمقدار فاعلية
عامل الجذب لرعاع لا يفكرون بالعقل بل يتأثرون بالعاطفة.
وكما يعرّف علم نفس الاجتماع المؤثرات المكونة
للتفكير الجماعي فأن الشعوب مقسمة في سلم علم النفس الى ثلاث فئات:
الفئة الاولى
هي اصحاب الآراء الذين يصنعون الافكار ويروجونها
وهم قلة تصل الى خمسة بالمئة من اي شعب مهما كان التعليم منتشرا في صفوف ابنائه وبناته.
الفئة الثانية
ونسبتها ما يقارب من عشرين بالمئة وهي التي تتأثر
بالإثباتات المنطقية والتي تبني آرائها على شواهد وعلى تفكير ومقارنات.
الفئة الثالثة
هي الرعاع وهم الاغلبية التي تزيد عن ثلاثة ارباع
اي شعب. وهؤلاء يتأثرون عاطفيا وتدير رؤوسهم وتقرر موقفهم اشاعات منتشرة او اجتماع
الاخرين على رأي او فعل ولو كان جريمة مستنكرة.
3- غياب المنافس على قطف ثمار
التحريض الطائفي الفج الذي يمارسه الاعلام الوهابي وهو تحريض اشتد بعد انتصار الثورة
الإسلامية في ايران.
4- الضغط النفسي الناجم عن فشل
زعماء سنة في تحقيق ما حققه غير السنة.
انتصار السيد نصر الله ذكّر الشعب العربي بفشل
عبد الناصر، انتصر الشيعي على اسرائيل وانهزم السني في مصر كبرى البلاد السنية العربية
وسلمت إيران بينما ضربت اميركا صدام حسين السني.
والاحتلال الصهيوني لفلسطين ولد عاملا نفسيا
محبطا لكل سني وسنية في العالم، ولم يرتوي العنفوان السني المتفاعل مع التحريض الطائفي
الشديد والمستمر والمتصاعد من انتصارات حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين،لان حماس
ما امتلكت عاملا يوميا محرضا على العنف ضد العدو، في حين ان القاعدة اهتمت بكل بلد
عربي ركزت حماس على فلسطين حصرا، ولم تقدم أي اثبات الى أن عملها أمتد الى خارج فلسطين،
ولم تطرح نفسها طرفا سنيا قياديا يتبنى الحديث باسم السنة عالميا كما تفعل القاعدة،
وحتى إنجازات حماس العسكرية فهي محسوبة على الدعم الشيعي الإيراني واللبناني، وبالتالي
كان انتصار العراقيين على الاميركيين(بدفعهم للانسحاب) عاملا اكثر وضوحا في (سنيته)
وقد قدمته القاعدة كانتصار حركي لقواتها في العراق.
5- الانتصارات المتتالية لحزب
الله وجبروت ايران السياسي ونفوذها المتصاعد يثيران تطرفا مذهبيا.
الوجدان السني الجمعي الخاضع للتحريض الإعلامي
الضاغط يوميا يجعل من أي نجاح ايراني او حزب الله عامل تهديد للسنة العرب ولو كان النجاح
ضد العدو الإسرائيلي.
استنادا الى تجربة شخصية لعدد من المساندين لتنظيمات
النصرة وداعش في سورية يمكن فهم الكثير. مثلا تقول «هنادي ـ و» ان أهلها في اللاذقية
كانوا من المتحمسين لحزب الله الى ان بدأوا يتابعون الجرائم الطائفية في العراق عبر
قناة الزوراء التي كانت تعرض جثثا منكل بها لأطفال وصبايا ومراهقين وشيوخ ونساء وتسمي
كل جثة باسم صاحبها وتسمي من قتلها «بالروافض المجوس» علما بان الزوراء كانت تنقل المجازر
التي تفتعلها فئة وتصمت عن جرائم القاعدة ضد العراقيين من الشيعة.
وتتابع هنادي فتقول: لم يتوقف بث قناة الزوراء
الا وقد تحول تسعة افراد من عائلتها الى متطرفين مذهبيا دون أن يتطرفوا دينيا ولم يلتزم
بالضوابط الدينية ولم يتطرف في عقائده الدينية سوى شقيق من اشقائها لكن عائلتها كلها
أصبحت شديدة التعصب ضد الشيعة بما فيهم حزب الله.
هنادي تقول ان سكان منطقة كبيرة من محيطها في
حي صليبة كان اهله يدينون بالولاء للرئيس الأسد لأنه وقف ضد غزو العراق ولأنه داعم
لفلسطيني المقاومة ولأنه حسن الظروف الحياتية للسوريين، ولكن مع متابعتهم لقناة الزوراء
أصبحت العائلة متعصبة ضد الحكم السوري على أساس مذهبية، وبعض افرادها أصبح جاهزا للقيام
بأفعال عنيفة دفاعا عما يقولون ان طائفتهم المهددة.
تلفزيون غير متقن في عمله المهني نجح بصور المجازر
اليومية في نقل عائلة وسكان حي من ولاء الى ولاء ومن قناعة الى قناعة.
في حين ان محمد -ق من صيدا (جنوب لبنان) غير
مبادئه السياسية بعد مقتل الحريري لأنه شعر بأن قتل الحريري عملية ظالمة لا لشخص الحريري
فقط بل لكل السنة وقال انه منذ مقتل الحريري لم يعد يشاهد سوى قنوات مؤيدة لتيار المستقبل
وقد كان قبل ذلك يرفع صورة السيد حسن نصر الله في بيته فأصبح بعد خطاب السيد في 8 اذار
2005 المؤيد لسورية متطرفا ضد حزب الله خاصة والشيعة عامة لأنهم قتلوا رفيق الحريري
برأيه.
من أين اتى محمد ـ ق بقناعاته؟
يقول انه بدأ التردد على مسجد في صيدا القديمة
حيث يؤم المصلين شيخ من المتعصبين ضد الشيعة وممن يحرضون عليهم بكل وضوح.
اما جنى -ح فهي فتاة تنتمي لمنزل رجله عضو برلمان
سوري وقد انقلبت احوالها من الموالاة الى المعارضة الشديدة المؤيدة للعنف المسلح ثم
للإرهاب لأن ما حصل في درعا من قبل الجيش ضد السكان إثر بها كثيرا حيث تعاطفت مع الضحايا.
من اين استقت هناء معلوماتها؟
من صديقة تعيش في حمص ظلت ترسل اليها صورا واخبارا
عن درعا حتى انقلب موقفها من فتاة ذات تدين معتدل الى ثائرة عاطفيا تريد المشاركة في
القتال باي وسيلة للدفاع عن اهل السنة والجماعة.
جنى لم تعلم ان ثلاثة ارباع الاخبار التي نقلتها
لها صديقتها منقولة عن آخرين وهم لم يبالغوا بل روجوا لأخبار غير صحيحة بتاتا.
من جهته تعرض عماد -د لعقوبات متجنية ولافتراء
على حاجز النبك في بداية الاحداث الأمنية في القلمون، وعماد حمصي مرّ على حاجز النبك
بعد ليلة من استعادة المسلحين لجزء من حي بابا عمرو في حمص، فلما قرأ عنصر أمنى على
حاجز النبك اسم عائلة عماد ومكان ولادته صفعه وقال له «أنت مع الإرهابيين يا كلب»
وبقي عماد قيد الاضطهاد لساعات الى ان وصل الى
الحاجز ضابطاً سورياً فعاقب العسكري وأطلق سراح عماد لكن الأخير عاد الى حمص وانقلبت
حياته اذ ترك عمله والتحق بالمسلحين.
إذا تعددت الأسباب لكن الهستيريا الجماعية الناتجة
عن التحريض تلقت دفعا قويا وحاسما من احداث كان لرجل دين أو للإعلام او لإساءة دور
في انقلاب شخص او فئة من حال الاعتدال الى حال تفعيل الحقد الطائفي النائم.
6- رواسب الحرب العراقية الإيرانية
التي قدمها صدام واعلامه واعلام مسانديه العرب بوصفها حربا سنية ضد ايران الشيعية.
7- غياب انتصار سني واضح وصريح
على مستوى الصراعات السياسية حول العالم.
8- غياب جهة تتزعم الشارع السني
وتعطيه املا بغد افضل.
9- امتلاك التطرف الإرهابي التكفيري
لمنابر إعلامية تعمل لمصلحته دون اعلان وبينها اعلام رسمي سعودي - قطري - اماراتي
- كويتي.
10- الحرب الاهلية في العراق وما
رافقها من جرائم طائفية ارتكبها الطرفان.
11- الخطاب الشيعي المذهبي الطائفي
المتشدد في العراق.
12- القنوات الشيعية التي تهاجم
مقدسات السنة وبمعظمها ممولة من شخصيات خليجية تدور في فلك حكام الخليج وبعضها الاخر
صديق للأميركيين ولشخصيات دينية شيعية تعيش في اميركا.
13- فقدان البعث لسلطاته في العراق
لصالح الأغلبية الشيعية واستغلال المنابر التكفيرية الخليجية لذلك الامر وتسويقه وكأن
الدولة العباسية سقطت آنئذ على يد «العلقميين الشيعة» واغفال مشاركة حزب إسلامي سني
(إخوانية العراق) في العملية السياسية.
14- مقتل رفيق الحريري واتهام
سورية وحزب الله به.
15- اعتماد الثوار الوهابيين ـ
الطائفيين في سورية والعراق ولبنان وداعميهم على التحريض الشديد التطرف، وعلى الدعاية
السوداء المترافقة مع إشاعة قصص شديدة البشاعة نسبوها لفاعل طائفي هم العلويين والشيعة.
16- التطرف في طرح الأفكار وفي
عرض الأهداف والتلطي خلف الغلاف الديني وممارسة العلاقات العامة مع الغرائز الحيوانية
في الانسان وتغييب العقل.
17- استغلال اغلبية المعممين لصالح
الدعاية الطائفية الفجة.
18- استغلال العمل الديني الشعبي
المفترض انه تحت اعين السلطات.
19- استغلال الجمعيات الخيرية.
20- السيطرة على المساجد الصغيرة.
21- تكثيف انشاء المدارس الدينية
غير القانونية والقانونية.
22- اختراق المؤسسة الدينية الرسمية.
23- تطوير صيغة التجنيد، فأحمد
الأسير على سبيل المثال كان منذ اليوم الأول لظهوره مواليا في العمق لتنظيم القاعدة
وقياديا حركيا محسوبا على التنظيم العالمي للقاعدة وكان أنصاره يعرفون انهم جزء من
التنظيم الإرهابي الأشهر ولكنه تعاطى إعلاميا وشعبيا على قاعدة تمسكنوا حتى تتمكنوا
فلما تلقى ضربة قوية من الجيش في معسكره في عبرا، ظهر الوجه الحقيقي له كفاعل إرهابي
شديد الاتقان وذو بأس شديد في التنظيم والتدريب والتسليح.
24- في عين الحلوة تجربة مماثلة
لجماعات عدة لا تتبنى الاسم الحركي لتنظيمات القاعدة ولكنها تعمل لصالح الفكر التكفيري
نفسه وهي ترى نفسها جزءا من التنظيم العالمي للقاعدة.
25- وجود خونة يسهلون للإرهابيين
تحقيق انتصارات سهلة واعجازية فيبدون وكأنهم مؤيدين من الله.
26- وجود أسباب ورواسب تاريخية
تؤمن للإرهاب التكفيري قبولا غرائزيا لا عقلانيا في أوساط المدنيين من المتعلمين او
الجاهلين على حد سواء، لان عامل التجنيد يستند على الفورات العاطفية الناتجة عن عنف
يقابل العنف الممارس من قبل الأعداء والخصوم كما في حالتي فلسطين المحتلة والعراق.
فقد قدمت التنظيمات التكفيرية نفسها بصفة المدافع
عن حرية العراقيين ثم عن حقوق السنة العراقيين والسوريين وكان مقاتلوها الاشرس والاعنف
وقياداتهم الأعلى صوتا والمرعبة أكثر من غيرها للأقليات، كما أن ان عمليات القتل التفجيرية
التي مارستها القاعدة واخواتها كانت تستهدف اظهار أعمالهم وكأنها انتقام شخصي لضحايا
من السنة سقطوا على يد شيعة متطرفين وتكفيريين مثلهم مثل القاعدة.
27- الحماسة الهستيرية لدى شباب
متدين وهابي العقيدة للموت طلبا للجنس بسبب تركيز الدعاة الوهابيين خاصة جماعة الفضائيات
على الممارسة الجنسية الواعدة مع حوريات الجنة.
28- غياب أي لاعب اعلامي يمارس
حربا نفسية مضادة سواء كانت هجومية او دفاعية
29- قيام الجهات المعادية للإرهاب
بالانجرار الى ردود أفعال كانت فخا لدعم الإرهاب.
تقول فتاة لبنانية من شبعا انها وعائلتها كانوا
من اشد المساندين لحزب الله ولكن بعد معركة 7 أيار وبعدما قام شباب مسلحين من 8 آذار
حليفة حزب الله بالاعتداء على شقيقها بالضرب في بيروت انقلبت العائلة وأصبحت متعصبة
طائفيا لمصلحة السنة.
وحل الانتماء الطائفي القبلي مكان العقل والمصلحة
الوطنية والدينية.
عرفنا السبب فما هو العمل المطلوب؟
(يتبع)
يتبع
تفتيت البيئة الحاضنة (ح 3): ألف باء دحر الارهاب
كتب خضر عواركة
لتحطيم الحماية الشعبية حول التنظيمات الارهابية عليك اولا ان لا تستجيب
لاستفزاز الارهاب. فلا تسخر قوتك العسكرية والامنية والشعبية والاعلامية لضرب
البيئة الحاضنة لأن الارهابيين يفعلون ما يستفزك املا في ان تقوم بفعل مماثل فتزيد
من غضب العامة ومن دعمهم للإرهابيين انتقاما. اي لا تجعل الارهابي حاميا للعامة من
اهل السنة، بل اجعله بلاء تقاتله من اجل اهل السنة.
اجعل قادتك من السنة في رأس قائمة المقاتلين للتنظيمات التكفيرية واجعل
دعايتك معتمدة حصرا على علماء دين وعلى شخصيات وعلى مثقفين وكتاب وصحفيين وفنانين
من اهل السنة والجماعة.
ومهما قام الارهابيون بعمليات استفزازية لك فلا تسخر القوى التي تملكها
للانتقام من الحاضنة الشعبية سواء عسكريا او امنيا او اعلاميا ولفظيا ودعائيا،
بذلك لا تقاتل الارهاب بل توسع من الدعم الشعبي الذي يتمتع به.
استخدام اللين في التعامل مع البيئة الحاضنة لا ينبغي ان يغيب عنه الحزم ضد
المتورطين مباشرة (لا ضد عوائلهم ولا ضد احيائهم ولا ضد نسائهم ولا ضد اطفالهم ولا
ضد بيوت عائلاتهم ولا ضد املاك العائلات التي ينتمون اليها) فمن أكثر الأسباب التي
ادت الى نجاح تنظيم القاعدة في السيطرة على عقول وقلوب اغلبية من المنتمين لمذهب
اهل السنة في العراق هو العدوان الطائفي على مواطنين سنة انتقاما من اعمال ارهابية
ضد الشيعة.
هنا لا بد من التنويه بحكمة قيادة حزب الله التي لم تنتقم بسيارات مفخخة من
سيارات مفخخة ارسلها الارهابيون الى الضاحية، بل لاحقتهم في مقارهم وقتلت من قتلت
واعتقلت من اعتقلت لكن ينبغي ان يصاحب هذا الامر عمل دعائي يومي يجعل قتال حزب
الله للإرهاب في سورية في سبيل حماية اهل السنة من الارهاب لا العكس.
عمل دعائي لا تقوم به قنوات شيعية او شخصيات شيعية بل سنة معتدلون لا
يعرفهم العامة بوصفهم مأجورون لحزب الله او موالون له سياسيا، فصناعة النجم السني
امر اساسي على الصعد الدينية والثقافية وحتى الفنية.
فمن يتابع الابحاث الاجتماعية حول الارهاب يعرف تمام المعرفة كم تؤثر
الفنون والسينما والغناء والموسيقى في وجدان الناس فتبث في عقولهم الباطنة رفض
التطرف والارهاب دون ان يشعروا.
وتجربة فيلم المصير للمخرج الراحل يوسف شاهين مدرسة ثقافية في محاربة
الارهاب شعبيا.
ثانيا
لا تقاتل الارهابيين الوهابيين التكفيريين بالأجنبي ولا بالشيعي والعلوي
والمسيحي، قاتله بالوطني السني المعتدل، لأن اساس مناعة التكفيري الوهابي هو الدعم
الشعبي السني له لأسباب انتقامية وتحريضية بحتة لا علاقة لها بالقناعات. لان الفكر
التكفيري لا ينتشر بالإقناع بل بالغرائز والتحريض. ولو غاب التحريض ضد (الغربيين)
او ضد الشيعة والعلويين والمسيحيين والايرانيين (بوصفهم مجوسا كما يزعم الوهابيين)
لما انتشر الفكر التكفيري ولما وجد قبولا.
بسبب الغزو الاميركي انتشرت الوهابية بشكل أسرع واوسع في افغانستان
وباكستان، وبسبب التحريض ضد الشيعة انتشرت في العراق، وساهمت الاشاعات عن غزو
التشيع لسورية وعن مشاركة حزب الله في قمع المتظاهرين في سورية ساهمت في تقبل
الناس لتنظيم القاعدة خاصة في الاحياء والمدن التي تعرضت للقمع الشديد، فكان
العلماني يحلم بثورة فوجد نفسه اسيرا لفكرة ان لا حل ضد قوة النظام الا بقبول
تنظيم القاعدة كمدافع في وجع قوات السلطة.
التحريض الوهابي التكفيري الاعلامي قائم على الاشاعات والاشاعة علميا اقوى
من الحقيقة، لهذا ليس المطلوب فقط وحصرا استثارة عقول الناس بالدعاية الجادة للإسلام
المعتدل او للعلمانية التي تحترم عقائد المسلمين، ينبغي ان يترافق كل ما سبق مع
حرب دعائية تستعمل الاشاعة الصادقة، اي ذات المضمون الجاد والصادق ولكن المغلفة بإثارة
الشائعة ومخاطبتها للغرائز.
مثال:
يقول الارهابيون " ندافع عن السنة" ويمكن الرد عليهم بنشر ما
يؤكد " ان الوهابيين التكفيريين هم من يقتل السنة". ولا يجب ان يصدر ذلك
من موقع او عن شخصية شيعية او علوية او علمانية، بل من مواقع فاعلة وفعالة دينيا
(شرط ان تكون سنية).
مثال آخر على فعالية الإشاعة:
الاشاعات التي تحدثت عن مجازر يرتكبها عناصر حزب الله في سورية وعن
انتهاكات ضد اهالي بيروت من الطائفة السنية لم يصدقها الرأي العام في العالم العربي
لوجود اثباتات على حصولها، بل نشرتها وسائل اعلامية كـ إشاعة، ورددتها لفترة طويلة
وبشكل يومي حتى حفظها الرأي العام وتأثر بها وصدقها دون ان يرى اثباتا عقليا واحدا
يؤكدها. وقد خرج سماحة السيد حسن نصر الله نافيا تلك الاشاعات ومفندا ما ردده
المغرضون ولكن تأثير كلام سماحته شعبيا في اوساط السنة كان محدودا.
لأن الاشاعة لا تنفيها العقلانية بل تنفيها الغرائز، كيف؟
على من يقاتل الارهاب ان يخاطب غرائز الرأي العام لكن مع تبديل العدو
" من الشيعة" الى الوهابيين او الى الصهاينة.
الهستيريا الجماهيرية تشبه تسونامي مياه المحيط بعد هزة ارضية، لا يمكنك
الوقوف في وجهها لذا عليك ان تهرب منها. وان لم يكن الهروب ممكنا عليك ان تحفر
مجرى يحول مياه تسونامي الى وجهة اخرى لا تدمرك. في حالتنا، الارهاب يبث هزات
ارضية من الادعاءات السوداء الكاذبة والرد على ذلك لا ينفع معه الاقناع والعقلانية
بل تحويل مجرى التسونامي من العداء السني للعلويين والشيعة والمسيحيين الى عداء
السنة للوهابية التكفيرية اي الى العدو الحقيقي العامل في خدمة الغرب واسرائيل.
قبل شهر، زعم تقرير في صحيفة المدينة السعودية وجود مجازر وحصول انتهاكات ووقوع
اغتصاب جماعي لفتيات سنة لان اسمائهم عائشة وقال الكاتب السعودي ان حزب الله يقتل
رجال السنة ان كان اسم كل منهم عمر!!
الاشاعة السابقة لم تبثها مواقف صفراء تكفيرية بل نشرتها صحيفة المدينة
السعودية في مقال معنون وموقع باسم كاتب سعودي مرموق ومدعوم رسميا!!
كيف يمكن تكذيب هذه الوقائع من قبل حزب الله؟
لا يمكنه وإن فعل فلن يستمع اليه أحد في ظل وجود عشرات الاف رجال الدين
الذين يستلهمون هذه الاكاذيب السوداء ويرددونها مع معرفتهم بكذبها.
لكن يمكن لرجال دين ولمثقفين ولأناس
عاديين ولمقاتلين سنة وسنيات ان يكذبوا الخبر ويدحضوه، فكم من عمر يقاتل مع الجيش
العربي السوري ومع حزب الله؟
وكم من عائشة تقاتل بالقلم والروح
والجهد والمال والمساهمات الفعلية ضد الارهاب؟
إظهار التناقض السني الوهابي هو الخندق الذي يحول العواطف الهستيرية
الغاضبة لأهل السنة المتفاعلين مع الدعاية من عدائهم للشيعة والعلويين الى عدائهم لأصل
المشكلة التي ادت الى مقتل اولادهم والى تشريدهم وتدمير بيوتهم، الى الوهابية
التكفيرية وداعميها الغربيين الذين استخدموها ضد سورية وضد سنة سورية.
ثالثا:
لا تعتمد على العمل العسكري والامني فقط، ولو فعلت ستخسر حتما.
العمل المدني وسط المجتمعات التي استمالها الارهاب أجدى، التنظيمات المدنية
التي تخدم الناس في يومياتهم الصعبة، والاندية الاهلية التي يجب ان تولد كالفطر في
كل حي لتجمع حول نشاط بسيط رياضي او ديني او ثقافي جذاب عددا بسيطا من الناشطين
القادرين على التأثير بمن حولهم لا ليحبوا الشيعة او العلويين او المسيحيين بل
ليجعلوا الناس الذين يمكنهم دفعهم الى الاستماع إليهم الى كراهية التكفير
والتكفيريين الذين دمروا بلادنا ومستقبل شباب اوطاننا.
وبدلا عن تبني الاقناع بالنقاش والمقارنات الفقهية، علينا تبني النشر
الجماعي بالإشاعة (شكلا) الصادقة (فعلا) وعلينا خلق دينامية محلية تقاتل الارهاب
في عقر داره اي في نفوس المروجين والمساندين لتمثيله لأهل السنة والجماعة.
هنا لا بد من طرح بديل محلي لا يعمل كقفاز تحركه يد السلطة المعادية للإرهاب
بل يعمل بشكل مستقل وأحيانا كثيرة من الافضل ان يعمل ك طرف معادي للسلطة، ولو
لمرحلة انتقالية وعلى الطرف المحلي ان يحمل قضايا الناس ومطالبهم وان يدافع عن
حقوقهم وان يناضل لأجل ما حلموا به يوما بوسائل لا عنقية بديلا عن العنف، وبتسويق
الفن والضحك والفرح مع المطالبة بالحقوق بدل الحرق والتدمير والقتل.
وجود بديل معتدل يقاتل سلميا لأجل حقوق الناس في مصلحة محاربي الارهاب
وعليهم ان يقدموا تنازلات تجعل من المطالبين بحقوق اهل السنة في اي مكان وفي اي
مجال منتصرين، يناسب ذلك العراق وعنجهية شيعية غير مفهومة لا تحترم ولا تراعي
الخصوصية السنية العراقية وتدفعها الى حضن الارهاب دفعا.
ويناسب ذلك لبنان الذي جعلت سياسة حزب الله الغير فعالة تجاه السنة من
انصاره السنة منبوذين بين جماعتهم لأنهم ظهروا دائما كأبواق تابعة تدافع عن حزب
الله دائما ولا تتعاطى مع المجتمع النسي (الثائر المشاعر طائفيا) بما يستميله الى
عداء اسرائيل والتكفير بدل عداء شركاء الوطن ولو وقع منهم خطأ (إن وقع فعليا او
اخترع عدو وفبركه بفعل فاعل).
النظام في العراق او في سورية وكذا حزب الله في لبنان لا يمكنهم قتال
الارهاب دون دعم بديل سني يرث مزاعمه بالدفاع عن حقوق اهل السنة، ولا يمكنهم
الانتصار على الارهاب دون تقبل ولادة خصم يمثل العنفوان السني ولكن شرط ان يعادي
الارهاب ولا يسانده لا سابقا ولا لاحقا كما هي حال بعض التيارات السياسية
اللبنانية.
الحلقة الرابعة
ألف باء ضرب الارهاب
كتب خضر عواركة
الارهاب يفتعل العنف ويستغل
الحروب ويشعل الفتن لأنها بيئته التي يستعر حقد الناس خلالها فيتقبلون أكثر
الاطراف التكفيرية تطرفا للتعبير عنهم.
المقاتل للإرهاب عليه اولا تفتيت المجاميع الشعبية المساندة للتكفير ودفعها
بفعاليات محلية من رجال دين محليين ومثقفين وكتاب وناشطين ووجهاء ينتمون الى نفس
تلك المجاميع لتصبح متناقضات دينية واجتماعية ومصلحية مع الوهابية التكفيرية. لا
من خلال التبشير الديني المباشر والتلفزيوني والاذاعي فقط، بل من خلال العمل
الدؤوب على خلق مصادمات بين التكفيريين وبين اهل السنة المعتدلين في كل حي وفي كل
مدينة وبشكل يومي، وفي الوقت عينه على السلطات التي تقاتل الارهاب ان تعمل على
تدعيم او اعادة خلق ثقة المواطنين بها، وذلك يحصل من خلال وكلاء سنة يتولون
مسئوليات في مناطق يتواجد فيها الارهاب، ومن هلال تأخير الخطب العلمانية وتفضيل
الدعاية الدينية المعتدلة، النقيض الملحد مثلا ان تبناه من يقاتلون الارهاب او
البديل المذهبي مثلما يحاول بعض شيعة اميركا الترويج له في العراق (عراق شيعي على
انقاض عراق سني صدامي) هي خيارات تمثل خدمة لا تقدر بثمن للإرهاب.
ثقة المواطن بالسلطات هي عمارة يجب ان تبينها الخدمات الصادقة والمعاملة
الحسنة والنية الطيبة الى ان يهدأ خاطر الخائفين فلو هدأت الاخطار الخارجية فأن
وقوع التناقض مع الارهاب حتمي.
المقاتل للإرهاب عليه ان يستغل ما يحصل من تناقضات وعليه ان يسخر الوطنيين
من اهل السنة الذين يعارضون الارهاب لمقاتلة الارهاب، فهم وحدهم القادرون على
الانتصار، فلا يفل الحديد المذهبي السني الا حديد مذهبي سني.
التجربة الغربية في الحرب على الارهاب...الباشتون هم
الحل
قاتلت الولايات المتحدة الاميركية تنظيم القاعدة وجماعة طالبان في
افغانستان في حرب مستمرة منذ أكثر من عقد وشاركها القتال جيش محلي ومنظمات افغانية
لها شعبية واضحة محليا وحلفاء دوليون، ومع ذلك اضطرت القوات الاميركية الى الطلب
من قيادتها السياسية محاورة جماعة طالبان لتأمين خروج آمن لقوات الاحتلال
الاميركية.
لم تتأتى قوة طالبان واستطرادا القاعدة من اسلحتها ولا من عقيدة منتسبيها
بل من دعم اثنية الباشتون لمسلحي طالبان ولقيام الاميركيين باستفزازات لم تراعي
سلامة المدنيين ما جعل طالبان وارهابيي القاعدة مقاتلون من اجل حرية البشتون خاصة
والافغان الناهضين للأجانب عامة. سر بقاء طالبان ليس العقيدة الوهابية التي يعنقها
قادتها بل دفاع الاثنية البشتونية ومعها حلفاء من اثنيات أصغر عما اعتبرته وجودها
المرتبط بطالبان وغياب الوعي والممارسة الصحيحة تجاه المدنيين من قبل القوات
المحتلة.
في العراق لم تتمكن اغلبية شيعية من هزيمة القاعدة ممثلة بداعش ومن سبقها
من تسميات لتنظيمات ارهابية، لكن القاعدة كادت تنتهي من الوجود في العراق على يد الصحوات،
ونتيجة لتقصير الحكومة العراقية في ارضاء الصحوات واربابها العشائريين اضمحلت قوة
الصحوات وعاد اغلب عناصرها الى حيث كانوا عناصرا في تنظيم القاعدة.
اي رهان على انتصار عسكري -أمنى على القاعدة وتفرعاتها الارهابية في سورية
ولبنان والعراق واي بلد عربي آخر لا معنى له ان لم يسحب اعداء الارهاب سحر
العنفوان " السني " من تنظيم القاعدة وكشفه امام الرأي العام على حقيقته
الوهابية الارهابية التكفيرية التي تقاتل السنة في عقيدتهم لكنها تتخفى خلف حقوق
" السنة " وخلف " العنفوان السني " وخلف " الدفاع عن
حرائر السنة وعن اهل السنة " لتستميل سنة العالم الى المذهب التكفيري
الوهابي.
اساس هزيمة الارهاب هو استمالة اهل السنة والجماعة الى صفوف اعداء
الارهابيين فكيف يمكن ان يحصل ذلك والقصف يطال مدنيين في مناطق يتواجد فيها
الارهابيون فيزيد مقاتلون يستهدفون الارهاب من الدعم الشعبي للإرهابيين بأعمالهم
ضد الارهاب!!
معضلة لا يمكن حلها الا بالفهم المعمق لآلام المنتمين الى المذهب السني في
العالم وهم أكثر من مليار، هؤلاء يزودون الارهابيين سنويا بأضعاف اضعاف من يُقتل
منهم، والحرب السورية دليل على قدرة الارهابيين الوهابيين على التحشيد والتجنيد.
وتجربة العراق مع اهالي الانباء وديالى والموصل والفلوجة دليل على ان ثلة
ارهابيين منبوذين قد يتحولون بفعل التحريض المذهبي والتعامل الرسمي الخاطئ الى
ممثلين لتيار شعبي عريض يمثل اغلبية السنة العراقيين، فكيف لمن عقيدته تحتم عليه
تكفير السني المعتدل ان يمثل سنة معتدلين؟؟
إنها العبقرية الشيطانية التكفيرية التي تفهم وتعرف بأن عقيدة التكفير لا
يمكن ان تنتشر الا حيث الحروب المعارك والفتن لذا لا ينشرونها بالتعقل والتفكر
والجدال والتبشير والاقناع. بل باستغلال الفتن وبالتحريض ولولا وجود شيعة لحرض
الارهابيون على المجتمع السني لأنه كافر ولقاومهم ذاك المجتمع ولهزمهم (كما حصل في
مصر وفي الجزائر).
الوهابية التكفيرية بعد فتنتي سورية والعراق اوسع
انتشارا
إن اعداد من انتظموا اعضاء ومعتنقين للمذهب الوهابي في العالم خلال قرن لا
يمثلون عشرين بالمئة من اعداد من انتموا الى المذهب في صيغته العنفية (الارهابية
التكفيرية) بعد حربي افغانستان ثم فتنتي العراق وسورية.
لا يجادل التكفيري الناس لإقناعهم بعقيدته بل يقدم نفسه مدافعا عن مذهب
ودين اهل السنة، لذا فأن اول شروط النجاح في تبديد الدعم الشعبي للإرهاب يتمثل في
حملات متتالية من:
1-الترويج الديني الصادر عن المساجد والمشايخ المحليين في الاحياء والمدن.
2-مرافقة الضغط الامني على الارهاب بتسهيلات ومعاملة حسنة جدا وودودة جدا
لسكان المدن والاحياء التي يتواجد فيها الارهابيون ولو على حساب سلامة القوة
المقاتلة المعادية للإرهاب.
3-استمالة المواطنين وفصلهم في المعاملة المباشرة عن الارهاب.
4-جعل فعاليات محلية طرفا يحارب الارهاب بكل السبل لصعوبة التحريض عليه.
5-حصر التعامل العنيف مع الارهابيين ومنع الانتقام الجماعي من المناطق التي
فيها دعم شعبي للإرهاب.
فالأقوى والفاعل والاكثر سطوة
يستميل قلوب الناس اليه لا بالإقناع بل بالنفي الواقعي لمزاعم الارهابيين.
فالدعاية التي تبثها المنظمات الارهابية تزعم ان كل سني هدف وبالتالي على كل سني
ان يقاتل مع التكفيريين للدفاع عن نفسه، فلو حصل وثبت عكس ذلك مع وجود تهديد جدي
من قوة كبيرة فأن من نسميهم في هذا البحث " عامة الناس" سيتجاوبون
بعقلهم الباطن مع حس السلامة ما دام الدين والمذهب والنفس والروح والمال والاعراض
ليست في خطر.
6-عدم الاكتفاء بالنصر العسكري على الارهابيين ولا يكفي ذلك النصر
لتأمين المجتمعات من الارهاب، بل يجب ان يترافق الانتصار العسكري وان يليه عمل
اجتماعي خدماتي يعيد الى احلام المراهقين والشبان فرصتها، والى الشيوخ والكهول
والعجز استقرارهم وكرامتهم. فلا يبقى نصر ان كان الانتقام وامتهان كرامة المهزومين
من اهالي المقاتلين هو الفعل المباشر للمنتصر.
7-تعميم فعاليات الفرح والاحتفال الجماعي بمناسبة وبغير
مناسب (ومع احترام العقائد الدينية المعتدلة) مقابل الحقد والكراهية والاحقاد التي
كان يبثها التيار التكفيري في المجتمع.
8-تعميم الامن مقابل الفوضى التي نشرها الارهاب.
9-المسارعة الى البناء مقابل التدمير.
10-تمكين وجهاء محليين ورجال دين معتدلين من شن حرب
شعواء تستثير حمية المواطنين ضد جهات محددة في السلطة لتحقيق مصداقية للمحليين
المتعاونين مع المقاتلين ضد الارهاب. فلو ظهر أنصار السلطة من السنة دون عنفوان
فلن يتبعهم الناس ولا يحترموهم كما لن يحترموا سلطة لا تعطيهم كرامة وعزة جماعية.
11-نشر حالات يرى فيها المواطنين حقيقة حصول شباب وصبايا
على فرص لتحقيق احلامهم العلمية او المهنية، الحلم المبني على حاجة الفرد لطاعة
الله بإعمار الارض لا بتخريبها.
12-نشر ثقافة
غير مبرمجة من وزارة او من سلطة، ثقافة عفوية ينشرها رجال دين معدلون وعفويون بان
الدين يسر ومحبة لا سيف وسكين وساطور
13-خلق كيانات تمثل العنفوان السني وتقاتل اسرائيل ولو
بعناوين عربية قومية ولا تعمل تحت راية اخرى علمانية او شيعية او علوية. وذلك لا
يمنع بذل الجهود لنشر الافكار العلمانية والقومية ولكن تأثير الدين لا يمكن محوه
بالعلمنة ولا بالقومية بل بالمؤامة بين العلمنة والدين والقومية والاسلام.
العمل الخدماتي الأهلي عامل اساسي لتحويل عنفوان السنة
الى عامل استقرار:
قاتل حزب الله والجيش العربي السوري الارهابيين في سورية وانتصرا عليهم
عسكريا في القلمون وفي ريف دمشق، امر لا ينكره عاقل، وكذا فعلت القوات الحكومية
السورية وحدها في مواقع عديدة، ولكن، ماذا سيفعل الطرفان حين يعود اهالي حمص
المعارضين والحاقدين والمساندين للتكفيريين الى منازلهم؟
وماذا سيفعل الطرفان حين يعود اهالي قرى القلمون الى قراهم ومدنهم وبينهم
عشرات الاف داعمي التكفيريين سواء لوجود ابنائهم من بين القتلى او الاسرى او
الفارين او المقاتلين او لأسباب بينها قناعة الكثيرين ان حرب حزب الله والجيش
العربي السوري على الارهاب هي حرب لمنع اهل السنة من الوصول الى حقوقهم؟
الارهاب ليس يتيما، العسكر ينتصر ولكن اعلام التحريض التكفيري يزداد قوة
وفاعليته تزداد فعالية بين اهالي تلك القرى التي يعود اهلها اليها قريبا وبينهم
حواضن الارهاب فكيف يمكن منع التنظيمات الارهابية من اعادة بناء خلاياها
المقاتلة؟؟
إن لم تعمل القوى المقاتلة ضد الارهاب على الصعد الاجتماعية والنفسية
والدينية الى اختراق العقل اللاوعي للمواطنين لتزرع فيه من جديد فكرة الشراكة
والواقعية والرفض المطلق لدعايات الارهاب التكفيري فأن بناء الخلايا الفاعلة وسط
المجتمعات القروية والمدنية السورية سيكون امرا محتوما، تماما كما حصل في العراق.
الم تنتهي داعش مع الصحوات ثم لتعود برجال الصحوات اقوى من جديد؟؟
المرتزقة ليسوا الحل بل كسب عقول ونفوس المواطنين السنة، اهل السنة
والجماعة وحدهم القادرون على دحر التكفيريين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق